وهنا قد وقع منه الإغفاء ومع ذلك لم ينتقض وضوؤه.
كما أنه يقاس على نوم القاعد، فنوم القائم كنوم القاعد.
وأما غيرها فيبقونه على النقض بأصل النوم.
وقد روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم [قال] : (إنما الوضوء على من نام مضطجعاً) (١) لكن الحديث إسناده ضعيف.
إذن: هذا هو تقرير مذهب الحنابلة وهو مذهب أكثر الفقهاء وأن النوم ينقض مطلقاً يسيره وكثيره إلا نوم القاعد والقائم فلا ينتقض بيسيره وإنما ينتقض بكثيره.
فإن قيل: فما هو ضابط اليسير؟
قالوا: ضابطه: العرف، فما كان يسيراً عرفاً فإنه لا ينقض الوضوء.
فعندما ينام الرجل قاعداً أو قائماً ويسمع كلام الناس حوله وإن لم يفهمه فهذا في العرف يسير، بينما إذا سقط من قيامه، أو قعوده أو رأى رؤيا فهو في عرف الناس قد نام نوماً كثيراً فينتقض وضوؤه بذلك.
ولا شك إن هذا الضابط حسن، لأن مرجعه إلى العرف وبعبارة أخرى لك أن تقول: النوم المستغرق وغير المستغرق.
فالنوم المستغرق: هو الكثير الناقض للوضوء.
وأما غير المستغرق فهو الذي يحس الإنسان به في نفسه فلا ينتقض به الوضوء.
فإن قيل: فإن شك لا يدري أهو نوم يسير أم نوم كثير؟
فحينئذ: يبني على اليقين واليقين هو بقاء وضوئه فلا يزول هذا اليقين بشك.
(١) أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة،باب في الوضوء من النوم (٢٠٢) قال: " حدثنا يحيى بن معين وهنّاد بن السري وعثمان بن أبي شيبة عن عبد السلام بن حرب، وهذا لفظ حديث يحيى، عن أبي خالد الدَّالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كان يسجد وينام وينفخ ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ " قال: فقلت له: صليت ولم تتوضأ وقد نمت؟ فقال: (إنما الوضوء على من نام مضطجعاً) زاد عثمان وهناد: (فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله) . وأخرجه الترمذي في الطهارة برقم (٧٧) ، سنن أبي داود [١ / ١٣٩] .