للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي قوله: (إلا نوم) يخرج النعاس والسنة.

والنعاس: يكون في الرأس من غير أن يكون في القلب والعقل فهذا لا ينتقض به الوضوء، وقد قال تعالى: {لا تأخذه سنة ولا نوم} (١) ففارق بينهما (٢) ، فالناقض للوضوء هو النوم، وأما النعاس وهو ما يكون في الرأس فهذا لا ينقض الوضوء. هذا هو تقرير مذهب الحنابلة.

أما ما ذهبوا إليه من أن نوم القاعد والقائم اليسير لا ينقض الوضوء فهو قول قوي.

وأما قولهم إن نوم المضطجع ونحوه ينقض يسيره، فهذا قول ضعيف؛ ذلك لأنا إذا قلنا: [إنْ] كان مناط الأمر ومتعلقه هو النوم الكثير أو اليسير، أو النوم المستغرق أو غير المستغرق فإنه لا فرق بين مضطجع وغيره.

وفي رواية للبزار – من حديث أنس المتقدم – بإسناد صحيح: (يضعون جنوبهم) (٣) أي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فعلى ذلك منهم من يخفق رأسه ومنهم من وضع جنبه على الأرض، وكلهم لم يثبت بهذا النوم نقض وضوئهم بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا القول رواية عن الإمام أحمد وهو مذهب الأوزاعي وربيعة واختيار شيخ الإسلام – وهذا القول هو الراجح لما تقدم –

فعلى ذلك: النوم المستغرق وهو النوم الكثير ناقض للوضوء.

أما غير المستغرق فإنه لا ينتقض به الوضوء.


(١) سورة البقرة (٢٥٤) .
(٢) في الأصل: ففارق بين بينهما.