قالوا: فهذا الحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مس عائشة برجله فلم ينتقض وضوؤه بل ثبت في صلاته ومضى فيها فهذا يدل على أن مطلق المس للمرأة، وهو المس غير المصحوب بالشهوة أنه لا ينقض الوضوء، والآية الكريمة دلت على أن المس ينقض الوضوء، فعلى ذلك تقيد الآية بمس الشهوة للحديث المتفق عليه – هذا هو مذهب الحنابلة -.
- وذهب الشافعية - استدلالاً بالآية الكريمة –: إلى أن مس المرأة ناقض للوضوء مطلقاً بشهوة أو بغير شهوة.
وأجابوا – عن الحديث المتفق عليه -: بأن هذا المس يحتمل أن يكون فيه بين النبي صلى الله عليه وسلم وبينها حائل، وإذا ثبت الحائل أو الحجاب فإنه لا يثبت الحكم، فحينئذ يبقى الحكم على ما هو عليه؛ لأن هذا هو المس الذي يتعلق به الحكم، فإن المس الذي يتعلق به الحكم الشرعي هو المس المباشر الذي لا يقع فيه الحجاب بين الماس والممسوس.
لكن هذا الاحتمال ضعيف، لأن حقيقة المس أن يكون من غير حجاب، بدليل رواية النسائي فإن لفظة:(مسني برجله) .
قال شيخ الإسلام – في هذا القول -: " وهذا أضعف الأقوال وليس له أصل في كتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم "، وهذا مما تعم به البلوى – أي مجرد مس المرأة – ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث عن وجوب الوضوء عند مس المرأة مطلقاً.
ولكن القول بأن مس المرأة بشهوة ينقض الوضوء مع ما سيأتي من تضعيفه فإنه أقوى من القول بأنه ناقض مطلقاً.
وذهب أبو حنيفة وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها بعض أصحابه كالآجرى – وهو اختيار شيخ الإسلام –: إلى أن مس المرأة لا ينقض مطلقاً لا بشهوة ولا بغيرها.
وأجابوا – عن استدلالهم بالآية – بأن المس في الآية إنما هو الجماع.
فقوله تعالى:{أو لامستم النساء} أي واقعتموهن جماعاً وليس المراد مطلق المس، وهذا هو قول ابن عباس وعلي بن أبي طالب في تفسير هذه الآية وهو اختيار ابن جرير.