للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بينما تفسيرها على القول المتقدم هو قول ابن مسعود.

قالوا: وسياق الآية يقرر هذا – أي أنه الجماع – فإن الله عز وجل ذكر الوضوء في قوله: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلي الصلاة} (١) إلى أن قال: {وأن كنتم جنباً فاطهروا} فذكر الطهارتين طهارة الوضوء وطهارة الغسل، ثم قال – سبحانه –: {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً} وهذا التيمم بدل عن الطهارتين، عن طهارة الغسل وطهارة الوضوء وذكر الله السبب الأول، في قوله: {أو جاء أحد منكم من الغائط} فهذا حدث أصغر، فإذا فسرنا قوله تعالى {أو لامستم النساء} بالمس الموجب للوضوء فإنه يتعدد السبب لطهارة واحدة، أما الطهارة الأخرى فلا يذكر لها سبباً، والأليق ببلاغة القرآن أن يذكر لكل طهارة سبباً لبيان أن التيمم بدل عن طهارة الوضوء وطهارة الغسل كما دلت علي ذلك السنة.

وابن مسعود رضي الله عنه قد فسر الآية بالحدث الأصغر وهو مس المرأة الموجب للوضوء، وهو لم يكن يرى أن التيمم بدل عن الغسل، وإنما كان يرى أنه بدل عن الوضوء فحسب كما ذكر ذلك شيخ الإسلام، لذا فسر الآية بحدث أصغر ولم يفسره بحدث أكبر لأنه لا يعتقد أن الحدث الأكبر يجزئ فيه التيمم.

إذن: الراجح في تفسير هذه الآية وهو أصح قولي العلماء كما قال شيخ الإسلام وهو اختيار ابن جرير وقول ابن عباس أن قوله تعالى: {أو لامستم النساء} المراد به الجماع والقرآن يكني عن الجماع بالمس، كما في قوله تعالى {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} (٢) وليس المراد إجماعاً مجرد المس، وإنما مراده الجماع الحقيقي.


(١) سورة المائدة.
(٢) سورة البقرة.