والمسألة مسألة توقف وإن كان القول الثاني فيما يظهر أقرب لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتقدم: (فاقتلوهم أينما وجدتموهم فإن في قتلهم أجراً عند الله عز وجل) . والله أعلم.
إذن في الخوارج خلاف في مذهب أحمد وغيره، وبعض أهل العلم يرجع هذه المسألة إلى الحكم بتكفيرهم هل يكفرون أم لا لكن الذي عليه نصوص أحمد وهو المشهور عنه أنهم لا يكفرون وهو قول علي وهو أعظم من قاتل الخوارج فإنه لما سئل كما نقل هذا شيخ الإسلام وغيره لما سئل أكفارهم فقال: " من الكفر فمروا" وهناك رواية عن الإمام أحمد في التكفير.
لكن الذي يظهر أن هذه المسألة لا تنبني على مسألة تكفيرهم وإنما ينبني على أن الخوارج يستبيحون دماء المسلمين وأموالهم وتكفيرهم بالمعاصي، وأما البغاة فليسوا كذلك، ولذا فقد فرف بينهم بعض أهل العلم كما تقدم.
قال رحمه الله: [إذا خرج قوم لهم شوكة ومنعة] .
شوكة: من قوة وسلاح.
ومنعة: أي بعضهم يمنع بعضاً، فهم جماعة كثيرة يمنع بعضها بعضاً ولهم سلاح يقاتلون به.
قال: [على الإمام] .
أي الأعظم.
قال: [بتأويل سائغ] .
قال شيخ الإسلام: التأويل السائغ هو التأويل الجائز من جنس تأويل الفقهاء في موارد الاجتهاد، وليس من جنس تأويل الخوارج.
[فهم بغاة] .
فهؤلاء هم البغاة.
فإن اختل شرط من هذه الشروط فهم قطاع طريق، فإن كان ليس لهم شوكة ومنعة أو لم يخرجوا على الإمام وإنما خرجوا على أمير بلد وهم يقولون نرى السمع والطاعة للإمام، أو خرجوا على الشرط ونحو ذلك فهم قطاع طريق وليسوا ببغاة.
قال: [وعليه أن يراسلهم فيسألهم ما ينقمون منه] .
فيسألهم ما الذي ينقمون عليه، وما الذي أجاز لهم الخروج عليه بالسيف.
قال: [فإن ذكروا مظلمة أزالها] .
فإذا ذكروا ظلماً حصل لبعض الناس، أو ظلماً عاماً فإنه يجب عليه أن يزيله.
وإزالة الظلم واجبة في الأصل، لكن هنا يتأكد وجوبها لدرء المفسدة وحقن دماء المسلمين.
قال: [وإن ادعوا شبهة كشفها] .