الحكم بوجود معنى فيغلب على الظن أنه لأصله ثبت الحكم، ويعرف ذلك من وجهين.
أحدهما" بالسلب والوجود وهو أن يوجد الحكم بوجوده ويزول بزواله وذلك مثل قوله: "في الخمر إنه شراب فيه شدة مطربة" فإنه قبل حدوث الشدة كان حلالا. ثم حدثت الشدة فحرم ثم زالت الشدة فحل فعلم أنه هو العلة.
والثاني" بالتقسيم وهو أن يبطل كل معنى في الأصل إلا واحداً: فيعلم أنه هو العلة وذلك مثل أن يقول في الخبز إنه يحرم فيه الربا فلا يخلو إما أن يكون للكيل أو للطعم أو للوزن ثم يبطل أن يكون للكيل والوزن فيعلم أنه للطعم.
فصل
وأما شهادة الأصول فيختص بقياس الدلالة وهو أن يدل على صحة العلة شهادة الأصول وذلك أن يقول في القهقهة إن ما لا ينقض الطهر خارج الصلاة لم ينقض داخل الصلاة كالكلام فيدل عليها بأن الأصول تشهد بالتسوية بين داخل الصلاة وخارجها ألا ترى أن ما ينقض الوضوء داخل الصلاة ينقض خارجها كالأحداث كلها وما لا ينقض خارج الصلاة لا ينقض داخلها فيجب أن تكون القهقهة مثلها.
فصل
وما سوى هذه الطرق فلا يدل على صحة العلة، وقال بعض الفقهاء: إذا لم يجد ما يعارضها ولا ما يفسدها دل على صحتها، وقال أبو بكر الصيرفي في طردها يدل على صحتها فأما الدليل على من قال أن عدم ما يفسدها دليل على صحتها فهو أنه لو جاز أن يجعل هذا دليلا على صحتها لوجب إذا استدل بخير لا يعرف صحته أن يقال عدم ما يعارضه وما يفسده يدل على صحته وهذا لا يقوله أحد وأما الدليل على الصيرفي فهو أن الطرد فعل القائس وفعل القائس ليس بحجة في الشرع ولأن قوله إنها مطردة معناه أنه ليس هاهنا نقض يفسدها وقد بينا أن عدم ما يفسد لا يدل على الصحة