للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جهة الفحوى والمفهوم فبعضها أيضا أجلى من بعض فأجلاها ما دل عليه التنبيه كقوله تعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} وكنهيه صلى الله عليه وسلم عن التضحية بالعوراء فيدل بالتنبيه عند سماعه أن الضرب أولى بالمنع وأن العمياء أولى بالمنع ويليه في البيان أن يذكر صفة فيفهم من ذكرها المعنى التي تتضمنه تلك الصفة من غير جهة التنبيه كقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقض القاضي وهو غضبان" وكقوله صلى الله عليه وسلم في الفأرة تقع في السمن: "إن كان جامدا فالقوها وما حولها وإن كان مائعا فأريقوه". فيفهم بضرب من الفكر أنه إنما منع الغضبان من القضاء لاشتغال قلبه وأن الجائع والعطشان مثله وإنه إنما أمر بإلقاء ما حول الفأرة من السمن إن كان جامدا وإراقته إن كان مائعا لكونه جامدا أو مائعا وإن الشيرج والزيت مثله.

فصل

وأما دلالة أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أن يفعل شيئا عند وقوع معنى من جهته أو من جهة غيره فيعلم أنه لم يفعل ذلك إلا لما ظهر من المعنى فيصير ذلك علة فيه وهذا مثل ما روي: أنه سها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد فيعلم أن السهو علة للسجود وأن أعرابيا جامع في رمضان فأوجب عليه عتق رقبة فيعلم أن الجماع علة لإيجاب الكفارة.

فصل

وأما دلالة الإجماع فهو أن تجمع الأمة على التعليل به كما روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال في قسمة السواد: لو قسمت بينكم لصارت دولة بين أغنيائكم ولم يخالفوه وكما قال علي كرم الله وجهه في شارب الخمر إنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى فأرى أن يحد حد المفترى فلم يخالفه أحد في هذا التعليل.

فصل

وأما الضرب الثاني من الدليل على صحة العلة فهو الاستنباط وذلك من وجهين أحدهما التأثير والثاني شهادة الأصول فأما التأثير فهو أن يوجد

<<  <   >  >>