أولًا: أن الأحاديث رغم كثرتها وتعدد طرقها لم تصرح ولا رواية واحدة بالمراد بالأحرف السبعة، ولم تكشف عن سر الأحرف، ومن المعلوم أن الشارع -عليه السلام- لا يجوز في حقه تأخير البيان عن وقت الحاجة، والأمة في حاجة إلى معرفة كنه هذه الأحرف لتقرأ بها، فكيف خلت جميع ألفاظ الحديث من عبارة صريحة تفسر الأحرف؟ ولماذا أضرب جميع رواة الخبر من الصحابة عن ذلك؟
لعل ذلك لأحد الأمرين:
١- إما لوضوح المراد من الأحرف عندهم؛ بحيث لم يسأل أحد الصحابة من النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يسأل أحد التابعين من أحد الصحابة عن المراد بالأحرف.
٢- أو لعدم وضوح المعنى وصعوبة تفسير الحديث.
الاحتمال الثاني مردود بالطبع؛ لأنه من السخف بمكان أن ندعي أن الصدر الأول لم يكن يعرف معنى الحديث، وهم أعمق فَهْمًا وأكثر علمًا بما أنزل، ثم يأتي أناس بعدهم بمئات السنين فيكشفون عن المراد بالحديث.
فالراجح أنهم سكتوا عن السؤال لوضوح المعنى المراد لديهم من الحديث؛ ولكن وقعت شبهة التناقض عند البعض -في بداية الأمر- فأزالها النبي -صلى الله عليه سلم- بالإخبار بهذه الرخصة؛ ولذلك انتهت المخاصمة بين