أخذت القراءات تتكاثر وتزداد، حتى وصل بها بعضهم إلى خمسين قراءة، وأوشك ذلك أن يكون بابًا لدخول شيء من الاضطراب والتحريف على ألسنة القراء، وكان منهم المتقن -كما يقول ابن مجاهد- وغير المتقن، وزدات الطامة بما كان من بعض القراء -مثل ابن شنبوذ- يرويه عن مصحفي أبي بن كعب وابن مسعود -رضي الله عنهما- وبما كان آخرون -مثل ابن مقسم العطار- يستنبطونه بعقولهم من احتمالات القراءة لخط المصحف العثماني، مما جعل الحاجة تشتد إلى شيخ من شيوخ القراء النابهين، يضع الأصول والأركان لقبول القراءات من جهة، وليختار طائفة نابهة من القراء يكتفى بهم عمن سواهم حتى تستطيع عقول أوساط القراء أن تستوعبهم.
فجاء ابن مجاهد من اجتهد للأمة والدين، والقرآن العظيم، وبالغ في اجتهاده حتى استصفى سبعة من أئمة القراء في أمصار خمسة، هي أهم الأمصار التي حملت عنها القراءات إلى العالم الإسلامي:"المدينة، مكة، الكوفة، البصرة، الشام".
وبذلك أصبح القراء المختارون عنده سبعة، وفي قراءاتهم ألف كتابه "السبعة"، وهو عمل أجمع معاصروه ومَن جاء بعده على إجلاله.
غير أن البعض توهم أن ابن مجاهد أراد بذلك إهدار القراءات الأخرى الصحيحة غير السبع.