حيث كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- مأمورًا بأن يقرئ كل قوم بلغتهم وما جرت عليه عادتهم، فالهذلي يقرأ:"عتى حين" بالعين بدل الحاء، والأسدي يقرأ:"تعلمون" و"تسود" بكسر التاء، والتميمي يهمز، والقرشي لا يهمز، فجعل الله لهم متسعًا في اللغات كتيسيره عليهم في الدين١.
٣- اختلاف النزول:
كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يعرض القرآن على جبريل في كل رمضان، وتلقى الصحابة حروف كل عرض، فمنهم من قرأ على حرف، ومنهم من قرأ على حرف آخر، وقد اجتمعوا على عرضات أخيرة، فلم يقع الاختلاف إلا في أحرف قليلة، وألفاظ متقاربة، ولعل قصة اختلاف عمر وهشام -رضي الله عنهما- تدل على اختلاف النزول؛ حيث فيها:"كذلك أنزلت"؛ ولهذا اختلفت المصاحف العثمانية في أحرف قليلة، وقد فرقها الصحابة في المصاحف.
١ "القراءات القرآنية" للدكتور/ عبد الهادي الفضلي ص١٠٥، ١٠٦، نقلًا عن تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص٣٩، والظاهر أن إيراده لكلام ابن قتيبة لا يتناسب مع العنوان، فالعنوان يبين أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يقرئهم؛ وإنما أقرَّ قراءاتهم اللغوية، وكلام ابن قتيبة صريح في أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو الذي أقرأ الكل على لغته ولهجته، وهذه هي الحقيقة، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يعطِ أحدًا الحرية في أمر القراءة؛ بحيث يقرأ على لغته ولهجته كيفما شاء.