قعد لا يزيد على قوله: من جاء أولا فليقرأ، ثم يأخذ على الأسبق فالأسبق ...
قال ابن الجزري: ومن وقف على قصيدته "اللامية والرائية" علم مقدار ما آتاه الله في ذلك، خصوصًا "اللامية" التي عجز البلغاء من بعده عن معارضتها؛ فإنه لا يعرف مقدارها إلا من نظم على منوالها، أو قابل بينها وبين ما نظم على طريقها، ولقد رزق هذا الكتاب من الشهرة والقبول ما لا أعلمه لكتاب غيره في هذا الفن؛ بل أكاد أن أقول: ولا في غير هذا الفن؛ فإنني لا أحسب أن بلدًا من بلاد الإسلام يخلو منه؛ بل لا أظن أن بيت طالب علم يخلو من نسخة منه، ولقد تنافس الناس فيها، ورغبوا من اقتناء النسخ الصحاح بها إلى غاية أنه كانت عندي نسخة باللامية والرائية بخط الحجيج صاحب السخاوي مجلدة فأعطيت بوزنها فضة فلم أقبل ... وقد بارك الله له في تصنيفه وأصحابه، فلا تعلم أحدًا أخذ عنه إلا قد أنجب.
وقد تسابق العلماء قديمًا وحديثًا في شرح قصديته -خصوصًا اللامية- وأول مَن تصدَّى لشرحها تلميذه الإمام السخاوي، ثم الإمام أبو شامة المقدسي، ثم الإمام الجعبري، وهو أدق الشروح، وأغزرها مادة، وأكثرها فائدة.