للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورجح مع الحجاج، وحضر إليه أحبابه وأصحابه للسلام عليه، وانتظر صاحبه الحج علي الفيومي فلم يأته، فسأل عنه فقيل له: إنه طيب بخير، فأخذ شيئا من التمر واللبان والليف ووضعه في منديلِ، وذهب إليه ودخل عليه، ووضع بين يديه ذلك المنديل، فقال له: من أنت، فإني لا أعرفك قبل اليوم حتى تهاديني؟ فقال: أنا فلان صاحب الصندوق الأمانة، فجحد معرفته وأنكر ذلك بالكلية، ولم يكن بينه وبين بينة تشهد بذلك، فصار عقل الجوهري، وتحير في أمره، وضاق صدره، فأخبر بعض أصحابه، فقال له: اذهب إلى كجك محمد أوده باشه، فذهب إليه وأخبره بالقصة، فأمره أن يدخل إلى المكان الداخل، ولا يأتي حتى يطلبه، وأرسل إلى الفيوم، فلما حضر إليه بش في وجهه ورحب به وآنسه بالكلام الحلو، ورأى في يده سبحة مرجان فأخذها من يده يقلبها، ويلعب بها ثم قام كأنه يزيل ضرورة، وأعطاها لخادمه وقال له: خذ خادم الخواجا صحبتك، واترك دابته هنا عند بعض الخدم، وذاهب صحبة الخادم إلى بيته، وقف عند باب الحريم وأعطهم السحبة أمارة، وقل لهم: إنه اعترف بالصندوق الأمانة، فلما رأوا الأمارة والخادم، لم يشكوا في صحة ذلك، وعندما رجع كجك محمد إلى مجلسه، قال للخواجا: بلغني أن رجلا جواهرجي أودع عندك صندوقًا أمانة ثم طلبه فأنكرته، فقال: لا وحياة رأسك، ليس له أصل، وكأني اشتبهت عليه، أو أنه خرفان وذهلان، ولا أعرفه قبل ذلك ولا يعرفني، ثم سكتوا، وإذا بتابع الأوده باشه والخادم داخلين بالصندوق على حمار، فوضعوه بين أيديهما، فانتفع وجه الفيومي واصفر لونه، فطلب الأوده باشه صاحب الصندوق، فحضر فقال له: هذا صندوقك؟ قال: نعم، قال له: عندك قائمة بما فيه؟ قال: معي، وأخرجها من جيبه مع المفتاح، فتناولها الكاتب وفتحوا الصندوق، وقابلوا ما فيه على موجب القائمة، فوجدت بالتمام، فقال له: خذ متاعك واذهب، ثم التفت إلى الخواجا الفيومي -وهو ميت في جلده ينتظر ما يفعل به- فقال له: صاحب الأمانة أخذها، إيش جلوسك؟

<<  <   >  >>