للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- مراحل النضال وطرائقه:

كانت السنوات العشر الأولى من سني الاحتلال سنوات كئيبة، خيم فيها ما يشبه الذهول الذي يصيب المرء من أثر الصدمة، وكان للضغط الشديد الذي يفرضه الإنجليز، وللاضطهاد البالغ الذي وقع بالمصريين، أثر كبير في سيطرة هذا الجو الكئيب، الذي أوقف -تقريبًا- كل نشاط سياسي، للقيادات المصرية، ووجه النضال إلى طريق الإصلاح الديني والفكري، الذي تزعمه من رأوا أن الحالة غير ملائمة للعمل السياسي، وأن الواجب انتهاز الفرصة للإصلاح في ميادين أخرى تؤهل المواطنين بعد ذلك للحياة الأفضل.

وكان في مقدمة هؤلاء المصلحين، الإمام محمد عبده، الذي أخذ نفسه -بعد عودته إلى مصر، وبعد انتهاء مدة إبعاده- بإصلاح الأزهر والقضاء الشرعي، وبتوضيح الجوانب المشرقة في الإسلام، والرد على طعنات أعدائه، كما اهتم كثيرًا بجانب الإصلاح الديني، والفكري على وجه العموم١.

ولما مات توفيق، وتولى عباس حلمي سنة ١٨٩٢، أراد هذا الخديو الجديد - في أول عهده- أن يدعم سلطانه، وأن يتكئ على سند غير سند الإنجليز الذين لا أمان لهم في السياسة، فتظاهر بالوطنية، وأبدى كثيرًا من المظاهر التي يخالف بها سابقية من الحكام، فأخذ يستقبل طوائف الشعب في مناسبات عديدة، وراح يزور الأقاليم المصرية المختلفة، وبدأ يقرب العناصر الوطنية ويؤازرها، فأصدر عفوًا من المشتركين في


١ انظر: المنار جـ٢ ص٨٩٣.

<<  <   >  >>