للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤- الخطابة وانتعاشها:

أما هذا اللون من ألوان النثر، فقد كان من أهم وسائل تنمية الوعي وإنضاجه، كما كان من أهم وسائل التعبير عن الدعوات الإصلاحية في السياسة والاجتماع، ثم كان قبل ذلك كله من أبرز الفنون الأدبية التي تأثرت بالوعي، وبحركة الإصلاح في شتى نواحيه.

فالخطابة قد وجدت دواعيها، وكثرت ميادينها في تلك الفترة، بعد أن كانت في عهود التخلف قد انحصرت -أو كادت- في الميدان الديني، وفي أضيق مجالاته، وهو خطبة الجمعة وما ماثلها من خطب العيدين، على أن تلك الخطابة الدينية المحصورة في هذا النطاق ضيق، كانت قد تجمدت -غالبًا-، وأصبح أغلب الخطباء يقرءون الخطبة من كتب معدة في عصور سابقة، وكثيرًا ما لا يتناسب موضوع الخطبة، ولا أسلوبها مع الموقف أو حال المستمعين، فلما كانت فترة الوعي وجدت دواع مختلفة أفسحت الطريق أمام الخطابة لتأخذ طريقها إلى أفق رحب مضيء.

ففي ميدان السياسة، وجد -إلى جانب الجمعيات السياسية التي كانت مدارس الخطابة١- "مجلس شورى النواب" الذي نما فيه الوعي بعد فترة


١ انظر: Studies on the of Islam Gibb. p ٢٥٣.

<<  <   >  >>