ليس من شك في أن العوامل المختلفة التي نمت الوعي وأنضجته، كانت ذات آثار واضحة في أدب تلك الفترة، كما كان للوعي نفسه أعظم الأثر في خروج الأدب من طور إلى طور، وانتقاله إلى مرحلة جديدة ذات سمات واضحة، فالوسائل السالفة الذكر، قد طوعت اللغة وقومتها إلى حد كبير، ففتحت لها ميادين كانت مغلقة أو مجهولة من قبل، وغذتها بموضوعات وأفكار وقضايا، ووهبتها حياة ومرونة، ومنحتها قابلية للتعبير عن كثير من النواحي الفكرية والوجدانية، كما أن الوعي نفسه قد نفر الواعين من المستوى الذي كان قد وصل إليه الأدب في العصر التركي، وامتد ظله الكئيب إلى الفترة التي تلته، كذلك حمل الواعي على البحث عن التراث، ونفض الغبار عن روائعه، وكان لإحياء التراث على هذا النحو، أثر كبير في إخراج الأدب من عصور الظلمات إلى عصور النور، وسوف يتضح ذلك بتفصيل القول في كل نوع أدبي على حدة.
أولًا: الشعر:
١- الاتجاه التقليدي، وبعض لمحات التجديد:
لم يكن من الممكن أن يتخلى كل الشعراء عن الطريقة التقليدية، التي غلبت في الفترة السابقة، فقد وجد في هذه الفترة كثير من الشعراء، ممن عاشوا على تراث الفترة السابقة، وتتلمذوا على بقايا العصر التركي، لهذا نجد طائفة منهم لم يؤثر وعي الفترة كثيرًا عليهم، ولم يخرجهم تمامًا عن تقليديتهم فظلوا ينظمون الشعر على تلك الطريقة التقليدية، السائرة في اتجاه الضحالة، والتستر بالمحسنات والألاعيب كثيرًا، والآخذة بشيء من روح الشعر قليلًا.. وقد كان أكثر هؤلاء يتخذون الشعر وسيلة لكسب العيش، ومن