ومن سمات هذه الطريقة بعد هذا، الابتعاد عن الزخرف بكل ألوانه، وذلك باستثناء بعض السجع الذي قد يؤتي به قليلًا في المواقف المحتاجة إلى رنين يقرع السمع، كمواقف السخرية والتحدي والدعابة، وما إلى ذلك.
ويمكن أن نتبين طريقة "التعبير المحكم" التي أسمينا بها طريقة العقاد، في هذا النموذج التالي، وهو جزء من مقال للكاتب الراحل بعنوان "الألم واللذة"، وفيه يقول:
"أما أن الألم موجود في هذه الدنيا فمما لا يختلف فيه اثنان، وأما أنه فوق ما تقبله النفوس فمما لا يختلف فيه إلا القليل، وأما أنه نافع أو غير نافع ومقدم للحياة أو مثبط لها، فذلك ما يختلف فيه الكثيرون".
"ورأيي في هذا الخلاف أن الألم ضرورة من ضرورات الحياة، وحسنة من حسناتها في بعض الأحيان، وحالة لا تتخيل الإنسانية بدونها على وجه من الوجوه".
"أما تفصيل هذا الرأي، فهو أن الشعور بالنفس يستلزم الشعور بغير النفس؛ فهذه الـ"أنا" التي تقولها، وتجمل فيها خصائص حياتك، ومميزات وجود وتعرف بها نفسك مستقلا عما حولك منفردًا بإحساسك، هي نصيبك من الحياة الذي لا نصيب لك غيره، وهي تلك "الذات" التي لا تشعر بها إلا إذا شعرت بشيء مخالف لها في هذا العالم الذي يحيط بها، فأنت لا تكون شيئًا له حياة ولذات وآلام ومحاب ومكاره، إلا إذا كانت في العالم أشياء أخرى غيرك، ولا تكون هذه الأشياء الأخرى معك إلإ إذا كان منها ما يلائمك، وما لا يلائمك، أو ما يسرك وما يؤلمك".
"فإذا أردت حياة لا ألم فيها، فأنت تريد إحدى حياتين: فإما أن تكون وحدك في هذا الوجود، وهذا حياة لا يتخيل العقل كيف تكون، ولو تخيلها لما أطاق احتمالها، وكيف ونحن نرى أن الأديان الكبرى كلها تعلمنا أن الله خلق الخلق ليعرفه غيره بعد أن كان ولا شيء سواء؟؟ فإذا كانت النفس البشرية لا تقوى على أن تتصور إلهًا منفردًا بالوجود، فكيف تراها تطيق