لقد بدأ الإنجليز يطمعون في الاستيلاء على مصر، منذ أيام الحملة الفرنسية عليها، ولذا طارد أسطولهم الأسطول الفرنسي حتى أغرقه في أبي قير سنة ١٧٩٨، ولذا أيضًا شاركوا في إخراج الفرنسيين من مصر سنة ١٨٠١، وللسبب نفسه حاولوا غزو البلاد بتلك الحملة المعروفة بحملة فريزر سنة ١٨٠٧، ولكن المصريين ردوهم ببسالة في موقعة رشيد الخالدة١.
وحين عجز الإنجليز عن التدخل العسكري المباشر، ظلوا يتحينون الفرص لكسب نفوذ في مصر، حتى يمهدوا به قليلًا قليلًا لما بيتوه من احتلال كامل، وما إن تورط إسماعيل في الديون، حتى أمدته بريطانيا -فيمن أمده من دول- حتى تضيق الحبل حول رقبته، بل حور رقبة مصر، ثم ضرب الإنجليز ضربتهم التي حققت التدخل الفعلي في شئون البلاد، وذلك حين اشتروا حصة مصر من أسهم قناة السويس سنة ١٨٧٥؛ فقد تبع ذلك تدخلهم في توجيه اقتصاديات البلاد وسياستها، بحجة المحافظة على مصالحهم وأموالهم، الممثلة فيما لهم من ديون وحقوق في قناة السويس، وتحقق كثير من طمعهم، ولكنهم لم يرضوا إلا بنيل كل ما بيتوا له، وهو الاحتلال الكامل.
ولذا انتهزوا فرصة تحرك العناصر الوطنية المطالبة بتحقيق مطالب الشعب على أيدي عرابي، وأصحابه، ونفذوا مؤامرتهم الاستعمارية، ليتخلصوا من تلك العناصر الوطنية أولًا، وليتم لهم ما طمعوا فيه من احتلال مصر آخر الأمر.. وهكذا ضربوا الإسكندرية من البحر في يوليو سنة ١٨٨٢، ونزلوا إلى أرض مصر، وتحرك عرابي بجنده لنزالهم، وعمل جهده على تحطيم غزوهم، ولكن