للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخيانة والتآمر والغدر كانت فوق طاقة الثائر الأمين الباسل، فهزم عرابي وجنده في معركة التل الكبير، وتم احتلال الإنجليز لمصر في سبتمبر سنة "١٨٨٢"١.

ومعروف أن أهم أطراف المؤامرة كانت تتمثل في توفيق الخائن، والإنجليز المعتدين، ولذا تآزر هذان الطرفان من أول أيام الاحتلال على إضعاف كل القوى الواعية في مصر، حتى تستحيل البلاد إلى حقل كبير ينتج القطن لمصانع بريطانيا، ويصب المال في جيب الخديوي، وأعوانه الرجعيين.

وتبعًا لتنفيذ تلك الخطة، اكتفى الخديوي من حكم البلاد بالاسم، وبعض مظاهرة الشكلية الزائفة التي يضمنها له الإنجليز، وأطلق الأيدي هؤلاء المعتدين في مصر، يصفون كل قواها الواعية على الوجه الذي يحقق أطماعهم، ويسدد لهم ثمن حمايتهم للخديوي الخائن.

وهكذا نفي عرابي وأصحابه، وصفيت كل العناصر الوطنية في الجيش وخارجه، إما بالنفي أو السجن أو الاختفاء، ونتيجة للسياسة التي رسمها الإنجليز وأشرفوا على تنفيذها بوساطة مستشاريهم، ومعتمديهم٢، سرح الجيش


١ اقرأ ذلك بالتفصيل في: الثورة العرابية والاحتلال البريطاني لعبد الرحمن الرافعي، وفي: مذكرات عرابي لأحمد عرابي.
٢ من مستشاريهم المخربين. "دوفرين" الذي كان سفيرًا لبريطانيا في الآستانة، وجاء بعد الاحتلال إلى مصر، ووضع تقريره المشهور الذي رفع إلى وزارة الخارجية البريطانية، وضمنه مقترحاته لتصفية الوضع في مصر، وكان من هذا التقرير: وجوب تسريح الجيش وحل مجلس شورى النواب ... ومن معتمديهم "كرومر" الذي عمل في مصر نحو ربع قرن من سنة ١٨٨٣ إلى سنة ١٩٠٧، وكانت سنواته سنوات إرهاب وطغيان لا تنسى ... ومنهم كذلك "غوست" الذي جاء بعد "كرومر"، والذي هادن الخديوي على حساب الوطنيين ... ومنهم "كتشنر" الذي كان "سردار" الجيش أيام "كرومر"، ثم عين معتمدا بعد "غورست".... ومن أخطر مستشاريهم "دانلوب" الذي عمل مستشارًا للمعارف من سنة ١٩٠٦ إلى سنة ١٩١٩، وكان من أهم أسباب تأخر التعليم في مصر، وجموده على عهد الاحتلال، وقد ظل أثر سياسته الفاسدة يسيء إلى التعليم في مصر سنوات بعد رحيله.

<<  <   >  >>