للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوطني القوي الذي حارب مع عرابي، وكان يضم كثيرًا من الوطنيين الأقوياء البواسل، وأعيد تكوينه على ضعف وهزال، وفي عدد لا يتجاوز ستة آلاف، على رأسهم "سردار" إنجليزي يعاونه طائفة من كبار الضباط الإنجليز، كذلك أغلقت مصانع الأسلحة كلها وبيعت آلاتها، كما أنهيت البحرية المصرية، وبيعت سفنها، وشبيه بما فعل مع الجيش لتصفيته، وإضعافه وجعله في قبضة المحتلين، فعل مع البوليس، بوضع رجل إنجليزي على رأسه، وتعيين وكيل إنجليزي لوزارة الداخلية.

ونتيجة للسياسة الإنجليزية نفسها أرهق الاقتصاد المصري بل خنق؛ وذلك بتعيين مستشار إنجليزي للمالية، وإجهاد الخزانة المصرية بتعويضات مجحفة تؤدي للأجانب عما أصابهم من خسائر وهمية، ثم كان من عوامل خنق الاقتصاد المصري، وإرهاق المصريين ماليًّا تحميل مصر تكاليف جيش الاحتلال والموظفين الإنجليز، ثم تحميلها كذلك تكاليف حرب المهدي في السودان١.

هذا فيما يتصل بالقوتين العسكرية والاقتصادية، اللتين تمثلان للبلاد ساعدها الذي تحتمي به، وقلبها الذي تعيش عليه. أما فيما يتعلق بالقوتين الثقافية والأخلاقية، فقد عمل الاحتلال على إضعافهما ما استطاع إلى ذلك سبيلًا، فقد عوقبت البعثات٢، وأهملت المعاهدات العالية٣، واقتصر الاهتمام.


١ انظر: مصر والسودان في أوائل عهد الاحتلال البريطاني لعبد الرحمن الرافعي: ص: ٩، ١٧، ١٩، ٦٤، ١٥٩.
٢ كان أكثر البعثات قبل الاحتلال يوفد إلى فرنسا، فأصدر كرومر قرارًا بإلغاء البعثات إليها، وكان ذلك سنة ١٨٩٥.
اقرأ: في الأدب الحديث لعمر الدسوقي جـ٢ ص٣٣.
٣ من صور هذا الإهمال بل العبث ضغط دنلوب على عميد مدرسة الحقوق الفرنسي "مسيو لامبير" حتى استقال، فعين بدلا منه شابًا إنجليزيًا، كما استبدل بالأساتذة الفرنسيين مدرسين من الإنجليز الصغار، الذي يجهلون قوانين البلاد.
اقرأ: مصطفى كامل لعبد الرحمن الرافعي ص٢٤٤، وما بعدها.

<<  <   >  >>