للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثورة، بل تعدى ذلك إلى تشجيع المصريين على مقاومة الإنجليز، وعدم الخضوع لهم١.

وكان المصريون من جانبهم، قد بدأت تتبدد صدمتهم بالاحتلال، وشرعوا يثوبون إلى أنفسهم، ويعون واقعهم ويدركون واجبهم، ومن هنا بدأ النشاط السياسي النضالي يظهر، وأخذ نفر من الزعماء المصريين الجدد يندد بالاحتلال، وينتقد وجود الإنجليز، وينادي بالاستقلال والحرية.

وكان الإنجليز بدورهم قد بدءوا يخفقون قبضتهم على الصحافة، وعلى العمل السياسي، أملا في أن تشغل المعارك الصحفية المصريين عن الإنجليز، وطمعًا في أن يستهلك النزاع الحزبي جهود المواطنين، ولكن المصريين أحسنوا -إلى حد كبير- الإفادة من الفرصة المتاحة؛ فأنشأوا الصحف الوطنية، وراح كتابهم يهاجمون الاستعمار، وينادون بالحرية، ويناضلون جاهدين لتخليص الوطن مما جلبه عليه الاحتلال٢.

وهكذا بدأ النضال السياسي، ولكنه أخذ اتجاهين مختلفين، الاتجاه الأول يلونه حماس ديني، فيرى أن المشكلة الأولى هي مشكلة جلاء الإنجليز، وإنهاء الاحتلال ولكن مع الإيمان بأن الجامعة الإسلامية، هي طريق القوة، وبأن الولاء للخلافة -التي يعتبر الخليفة التركي رمزًا لها- ولاء ضروري تفرضه فكرة الإيمان بضرورة قيام جامعة إسلامية تتكتل لتواجه خطر الاستعمار.

ورغم أن زعماء هذا الاتجاه كانوا من ذوي الثقافة المدنية الحديثة، وأنهم لم يكونوا من رجال الدين، قد كانت عواطفهم الدينية تلون أفكارهم، وتوجه


١ انظر: مذكراتي في نصف قرن لأحمد شفيق جـ٢ ص١٦، ٢٦، ٣٥، ٣٧، ٣٨، ٥٢.
٢ تحدث الشيخ علي يوسف في السنة الأولى لظهور المؤيد سنة ١٨٨٩ عن مسألة الجلاء، ثم تبعه مصطفى كامل في الأهرام والمؤيد واللواء. انظر: منتخبات المؤيد ص٣٠، واقرأ: مصطفى كامل لعبد الرحمن الرافعي.

<<  <   >  >>