للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دعوتهم كما كان لسياستهم ما يبررها -في نظرهم- حينذاك، من وجوب التكتل أمام قوى الغرب، ومن وجوب جمع كلمة المسلمين تحت فكرة الجامعة الإسلامية، وعدم الانفصال عن الخلافة باسم القومية أو الوطنية؛ لأن ذلك معناه الانقسام، وإتاحة الفرصة للمستعمر ليلتقم أمم الإسلام واحدة وراء أخرى١.

وكان يمثل هذا الاتجاه الأول؛ الحزب الوطني، ويقوده مصطفى كامل الذي اتخذ صحيفة اللواء لسان حاله٢.

كما كان أصحاب هذا الاتجاه، وعلى رأسهم مصطفى كامل، موالين -أول الأمر- للخديوي الجديد عباس، لما كان يظهره من وطنية ومؤازره للوطنيين، وكراهية ومناوأة للإنجليز، ثم عادوا فعادوا عباسًا وحاربوه، وذلك حين ضعف أمام الضغط الإنجليزي وانقلب على الوطنيين، وهادن المحتلين حتى انتهى معهم إلى سياسة الوفاق٣.

أما الاتجاه الثاني من اتجاهي النضال الوطني، فقد كان يلونه حماس قومي، فهو يرى أن فكرة الجامعة الإسلامية غير ممكنة التحقيق، وأن الانفصال عن الخلافة واجب بعدما كان من فساد الخلفاء الأتراك، وأنه لا ولاء إلا لمصر، ولا عمل إلا من أجل مصر، وأن مصر للمصريين وأصحاب هذا الاتجاه يعتقدون بعد هذا المشكلة الحقيقية هي الاحتلال، وأن إخراج الإنجليز من مصر واجب، ولكن ذلك يجب أن يسبقه إعداد


١ اقرأ بعض ما كتبه مصطفى كامل عن ذلك في "المسألة الشرقية" ص١٩-٢٢.
٢ اقرأ تفصيل القول عن هذا الاتجاه في: الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر للدكتور محمد حسين. الفصل الأول من الجزء الأول.
ويلاحظ أن الحزب الوطني لم يؤلف بصفة رسمية إلا سنة ١٩٠٧، وإن كان اسمه يطلق على السائرين في اتجاه مصطفى كامل قبل ذاك التاريخ بزمن. انظر: مصطفى كامل للرافعي ص٢٥٥، وما بعدها.
٣ انظر: الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر لمحمد حسين جـ١ ص١٥٤، وما بعدها، وص١٧٤ وما بعدها.

<<  <   >  >>