للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خطوط هذا الاتجاه الشعري الجديد منذ سنة ١٩٠٠، حين كتب في المجلة المصرية مبشرًا به، لافتًا الأنظار إليه، بمثل قوله: "إن اللغة غير التصور والرأي، وإن خطة العرب في الشعر لا يجب حتمًا أن تكون خطتنا، بل لهم عصرهم ولنا عصرنا، ولهم آدابهم وأخلاقهم وحاجاتهم وعلومهم، ولنا آدابنا وأخلاقنا وحاجاتنا وعلومنا، ولهذا وجب أن يكون شعرنا مماثلًا لتصورنا وشعورنا، لا لتصورهم وشعورهم، وإن كان مفرغًا في قوالبهم، محتذيًا مذاهبهم اللفظية١".

ثم أذاع ديوانه سنة ١٩٠٨، مصدرًا بمقدمة تمثل الخطوط العريضة للمبادئ الأساسية لهذا الاتجاه، ومحتويًا على كثير من النماذج التي تعتبر تطبيقًا ناجحًا له. وفي هذه المقدمة يقول مطران: "هذا شعر ليس ناظمه بعبده، ولا تحمله ضرورات الوزن، أو القافية على غير قصده، يقال فيه المعنى الصحيح باللفظ الفصيح، ولا ينظر قائله إلى جمال البيت المفرد، ولو أنكره جاره، وشاتم أخاه، ودابر المطلع، وقاطع المقطع، وخاتم الختام، بل ينظر إلى جمال البيت في ذاته، وفي موضعه، وإلى جملة القصيدة في تركيبها وترتيبها، وفي تناسق معانيها ومواقفها٢".

ويضيف أصحاب هذا الرأي أن العمل الشعري الأول لهذا الاتجاه، قد ظهر سنة ١٩٠٩، وهو الديوان الأول لشكري، ثم تبعه الديوان الأول للمازني سنة ١٩١٣، وأخيرًا ظهر الديوان الأول للعقاد سنة ١٩١٦، وقد يزيد أصحاب هذا الرأي أن العمل النقدي الأول الذي يحوي مبادئ هؤلاء في تجديد الشعر، إنما هو كتاب الديوان، الذي أصدره العقاد والمازني سنة ١٩٢١، وهذا معناه عند أصحاب هذا الرأي أن هؤلاء الشعراء المجددين المصريين الثلاثة، قد أظهروا آثارهم التجديدية بعد كتابات مطران التي تعتبر الريادة الأولى لهذا الاتجاه٣.


١ المجلة المصرية سنة ١٩٠٠ العدد الثالث ص٨٥.
٢ ديوان مطران -المقدمة.
٣ انظر: مطران لإسماعيل أدهم ص٣٣- ٣٤، وتطور الشعر الحديث في مصر للدكتور ماهر حسن ص١٧٥، وما بعدها.

<<  <   >  >>