للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقذع في هجو من يكبره في سريرته، ولا واقفًا على المرافئ يودع الذاهب ويستقبل الآيب١".

ومن تلك الكتابات كذلك، المقالات النقدية التي كتبها المازني في صحيفة عكاظ سنة ١٩١٣، ناقدًا لحافظ إبراهيم، ومقارنًا بينه وبين عبد الرحمن شكري، وقائلًا في ذلك: " ... وبعد فإن حافظًا إذا قيس إلى شكري لكان كالبركة الآجنة، إلى جانب البحر العميق الزاخر، وحسب القارئ أن يتأمل ديوانيهما ليعلم ما بينهما من البعد، وليعرف كيف يقعد الخيال بحافظ، ويسمو بشكري في سماء الفكر، وكيف يجني التقليد على رجل، ويغلق في وجهه أبواب التصرف والتفنن؛ فإن حافظًا قد حذا في شعره حذو العرب، وقلدهم في أغراضهم، وفرط عنايتهم بإصلاح اللفظ، وإن فسد المعنى٢".

ومن تلك الكابات المتقدمة أيضًا، كتابات العقاد في صحيفة عكاظ سنة ١٩١٤ بعنوان "شعر الندابون ومما جاء في تلك الكتابات قوله: "إن للشعراء الندابين شعرهم وللعصر شعره، وعليهم أن يقروا في قبورهم، ويتزملوا بأكفانهم، حتى إذا تهدم جدار أو اصطدم قطار أو وقع طيار، هنالك يثوّب الداعي بهم٣".

على أن من أهم الكتابات الموضحة لمعالم هذا الاتجاه، ما جاء في مقدمة شكري لديوانه الخامس الصادر سنة ١٩١٦، والتي يقول فيها: " ... ويمتاز الشاعر العبقري بالشره العقلي، الذي يجعله راغبًا في أن يفكر كل فكر، ويحس كل إحساس.. ولقد فسد ذوق المتأخرين في الحكم على الشعر، حتى صار الشعر عبثًا لا طائل تحته؛ فإذا تغزلوا، جعلوا حبيبهم مصنوعًا من قمر وغصن، وتل وعين من عيون البقر، ولؤلؤ وبرد.. وأجل المعاني


١ ديوان المازني -المقدمة ص١٣-١٤ "طبعة المجلس الأعلى".
٢ صحيفة عكاظ عدد السابع والعشرين من يوليو سنة ١٩١٣.
٣ صحيفة عكاظ عدد التاسع من مارس سنة ١٩١٤.

<<  <   >  >>