للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والإغداق على المحاسيب، واتخاذ التأييد الشعبي -أو الأغلبية البرلمانية- مسوغًا لدكتاتورية حزبية، تعمل من أجل تأكيد سلطانها ونفع أنصارها، وإن كان ذلك على حساب الوطن والمواطنين.

ويرى هذا الانحراف بصورة واضحة، في مسلك مصطفى النحاس، منذ وزارته التي جاءت سنة ١٩٣٦؛ حيث مكن بما تورط فيه من انحرافات، لنجاح المؤامرة التي طوحت بوزارته، وجاءت بوزارة محمد محمود في أواخر سنة "١٩٣٧"١.

كذلك يرى هذا الانحراف بصورة أوضح في مسلك مصطفى النحاس أيام وزارته التي ألفها بأمر الإنجليز في فبراير سنة ١٩٤٢، خلال الحرب العالمية الثانية؛ ففي خلال حكم هذه الوزارة، اتضحت التبعية للاحتلال كما لم تتضح من قبل، واتخذت مساندة الإنجليز وسيلة لقهر الخصوم السياسيين، حتى أصدقاء الأمس الذين جرأوا فقط على النقد، أو المخالفة في الرأي٢.

ومن هنا تفككت القوى الشعبية، وانحرف زعماؤها، وأصبح حزب الوفد -الذي كان في أول عهده يمثل القيادة الوطنية المخلصة -يمثل دكتاتورية حزبية لا تقل ضررًا عن أحزاب الأقلية، بل إن انحرافات هذا الحزب ولدت منه أحزابًا أخرى، أضافت إلى الصراع الحزبي الممزق عناصر جديدة، تلقى الوقود في اللهب.

فقد بدأت الحياة الحزبية في الفترة السابقة بحزب الأمة، والحزب الوطني٣،


١ انظر: المصدر السابق جـ٣ ص٤٤ وما بعدها.
٢ انظر: المصدر السابق جـ٣ ص١٠١-١٠٨ و١١٣-١٢٠.
٣ ألف حزب الأمة بصفة رسمية في ٢١ سبتمبر سنة ١٩٠٧ "انظر مذكراتي في نصف قرن أحمد شفيق جـ٢ ص١٢٩".
وألف الحزب الوطني بصفة رسمية في ٢٧ ديسمبر سنة ١٩٠٧. وقد كان اسم الحزب الوطني يطلق أية جهاد مصطفى كامل، على جماعة الوطنيين الذين ينادون بالاستقلال والحرية "انظر: مصطفى عبد الرحمن الرافعي ص٢٢٥-٢٦٠".

<<  <   >  >>