للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفسه في كثير من المواقف المشرقة، التي تشهد بأنه لا يمكن أن يقهر مهما كانت قوى الشر التي تحاربه، أو تحاول تعويق خطاه على طريق النصر، فقد قابل ممثلو الأمة قرارات حل البرلمان في عهود الانقلاب الدستوري، وسد مداخل دار النيابة بالجنود المدججين بالسلاح؛ قابلوا ذلك بالتحدي والاجتماع على شكل برلمان في أماكن أخرى، ثم اتخذوا قرارات جريئة تدين الحكومات الانقلابية بالاعتداء على الدستور والحريات، حدث ذلك في عهد زيور١، كما حدث في عهد محمد محمود٢، كما حدث في عهد صادق٣.

كذلك قابل كتاب الأمة، ومفكروها إجراءات المصادرة وكبت الحريات، بالصيحات الحرة والكتابات الجريئة، التي دفعت بعدد منهم إلى السجن، كما حدث للأستاذ العقاد، حين هاجم فؤادًا الملك الطاغية تحت قبة البرلمان٤.

بل إن كثيرين من أبناء الشعب قد قابلوا القهر بالتمرد، والعدوان بالثورة، وعرضوا أجسادهم لسياط العذاب، بل فتحوا صدورهم لرصاص القتل٥. وتاريخ مصر الحديث مزدان بكثير من أسماء هؤلاء الأبطال الذين سقطوا في سبيل الحرية، وفي مقدمة هؤلاء تأتي أسماء شهداء سنة ١٩٣٥: عبد الحكم الجراحي طالب الآداب، وعبد المجيد مرسي طالب الزراعة،


١ انظر: في أعقاب الثورة المصرية جـ١ ص٢٣٦ وما بعدها.
٢ انظر: في أعقاب الثورة المصرية جـ٢ ص٦١ وما بعدها.
٣ انظر: في اعقاب الثورة المصرية جـ٢ ص١١٨ وما بعدها.
٤ كان صدقي قد تولى الحكم ١٩٣٠ وأصبح من المتوقع -كما هي العادة- حل البرلمان وتعطيل الدستور، فاجتمع البرلمان اجتماعًا خاصًا للنظر فيما يراد بدستور البلاد، ونوقش الموضوع، ووقف العقاد خطيبًا، فكان مما قاله: "إن الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس يخون الدستور، أو يعتدي عليه"، وكان من الواضح أن المقصود هو الملك فؤاد، فدبر للعقاد قضية عيب في الذات الملكية، وحكم عليه بالسجن تسعة أشهر "انظر: العقاد -دراسة وتحية ص٦٤-٦٥".
٥ انظر: في أعقاب الثورة المصرية جـ٢ ص١١٩، وما بعدها وص٥٠ وما بعدها، وص١٧٤ وما بعدها.

<<  <   >  >>