للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان كتاب صحف الوفد متأثرين بالثقافة الإنجليزية كما كان كتاب صحف الأحرار متأثرين بالثقافة الفرنسية١.

على أن الأمر لم يقتصر على هذه الصحف الحزبية، أو ذات اللون الحزبي الواضح، بل كانت هناك صحافة ثقافية، أو ذات مسلك ثقافي في الظاهر على الأقل، وتمثل مجلتا الهلال والمقتطف هذا اللون من الصحافة، وقد كان يغلب على الأولى الطابع الأدبي، وعلى الثانية الطابع العملي، وأصحاب كل من المجلتين كانوا من المتمصرين الشاميين، الذين يقدرون مصلحة البلاد حينًا، ويخطئونها في كثر من الأحايين٢.

كذلك لم يقف الأمر عند هذين اللونين من الصحافة المسهمة في نمو الثقافة عن طريق الترويج للأحزاب السياسية حينًا، وعن طريق إنجاح المؤسسات الشامية حينًا آخر؛ بل إن صحافة وطنية ثقافية خالصة قد ولدت خلال تلك الفترة، وأدت أجل الخدمات إلى البلاد في تلك السنوات، ومثل ميلادها مرحلة تحول في الحياة الثقافية والفكرية على السواء، وقد تمثلت هذه الصحافة في مجلات "الرسالة" و"الرواية"٣ و"أبوللو"٤ و"الثقافة"٥، وأمثالها.


١ وقد كان لون إحدى الثقافتين واضحًا في آثار إحدى الطائفتين، على حين كان يتضح لون الثقافة الأخرى في الطائفة المقابلة، فعلى حين نجد طه حسين مثلًا يهتم ببودلير، وينهج نهج ديكارت نجد العقاد يهتم بتوماس هاردي، ويأخذ طريق هازلت.
٢ انظر: بعض ما يؤخذ على اتجاه أصحاب المقتطف في: الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر للدكتور محمد حسين جـ١ ص٧٣، وما بعدها وجـ٢ ص٣٣٤، وما بعدها، وانظر بعض ما يؤخذ على اتجاه أصحاب الهلال في المصدر نفسه جـ٢ ص٣٢٧، وما بعدها.
٣ أنشأ هاتين المجلتين الأستاذ أحمد حسن الزيات، الأولى في يناير سنة ١٩٣٣، وظلت تصدر حتى سنة ١٩٥٣. أما الثانية فظهرت في فبراير سنة ١٩٣٧، وظلت إلى سنة ١٩٤٠، ثم ضمت إلى الرسالة.
٤ أنشأ هذه المجلة الدكتور أحمد زكي أبو شادي في سبتمبر سنة ١٩٣٢، واستمرت عامين، فكان آخر أعدادها في ديسمبر سنة ١٩٣٤.
٥ أصدرت هذه المجلة لجنة التأليف والترجمة والنشر برياسة الأستاذ أحمد أمين في يناير سنة ١٩٣٩، واستمرت ١٤ عامًا.

<<  <   >  >>