للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشعلت هذا الصراع، وأن كثيرًا من حدة المعارك الأدبية التي أدت في تلك الفترة، كان وراءه محركات سياسية حزبية١، ودوافع صحفية نفعية، تهم أصحاب الصحف، وتغريهم بإلقاء الوقود في اللهب؛ حتى تجاوزت المعارك ميدانها بين الاتجاهين المختلفين، وانتقلت إلى أصحاب الاتجاه الفكري الغربي أنفسهم، وذلك لانقسامهم بدورهم إلى كتاب وفد، وكتاب أحرار٢.

وهكذا صور أدب تلك الفترة -إلى جانب روح التحرر والثورة- ما كان من صراع انتقل من الحياة السياسية إلى الحياة الفكرية، ثم إلى الحياة الأدبية، وهكذا أيضًا كان التحرر والصراع يمثلان أهم جوانب الأدب في تلك الفترة، بحيث يمكن إدراج أهم ألوان النشاط الأدبي تحت هذين المعلمين.

ويمكن في هذا المجال أن نضرب المثل ببعض الاتجاهات، والأعمال الأدبية البارزة التي ظهرت في تلك الفترة:

لقد ظهرت دعوة إلى وجوب خلق أدب قومي يستلهم الواقع المصري، ولا يستلهم التراث العربي، وتبنى هذه الدعوة طائفة من كتاب "السياسة الأسبوعية٣"، وكان على رأس هؤلاء الكتاب الدكتور محمد حسين هيكل،


١ يمكن أن نأخذ مثالًا لهذه الظاهرة ما كان من دفاع "السياسة" -صحيفة الأحرار- عن كتاب الشعر الجاهلي، لطه حسين، ثم نقد "كوكب الشرق" و "البلاغ" -صحيفتي الوفد- لهذا الكتاب. فقد نشر الغمراوي نقده، لكتاب طه حسين في البلاغ، كما نشر الرافعي نقده في "كوكب الشرق".
٢ يمكن أن نأخذ مثالًا لذلك ما كان من حديث طه حسين عن وجود الوحدة في القصيدة العربية القديمة، واستشهاده بقصيدة لبيد التي مطلعها "عفت الديار"، فليس ذلك إلا ردًا على العقاد الذي كان ينفي تحقق الوحدة في الشعر التقليدي، ويطالب بتحققها في الشعر الحديث.
"نشر طه حسين رأيه ذاك في حديث الأربعاء جـ١ ص٣٠ وما بعدها".
كذلك يمكن أن نأخذ مثلًا لذلك ما كان من نقد طه حسين للعقاد والمازني، وأخذه عليهما الاهتمام بالشاعر أكثر من شعره، على حين يتخذ هو الشاعر وسيلة لفهم الشعر.
"نشر طه حسين رأيه ذاك في "من حديث الشعر والنثر ص٢٦٨".
٣ انظر: الاتجاهات الوطنية جـ٢ ص١٣٧ وما بعدها.

<<  <   >  >>