للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغربية الوافدة بثقافة عربية أصيلة، ولم يكن من الممكن أن تكون الثقافة التي خلفتها عصور التخلف الأخيرة هي الثقافة التي يمكن أن تسد حاجة هؤلاء المثقفين حينذاك، أو تصلح لمواجهة الثقافة العربية المتحدية، ومن هنا اتجه هؤلاء المثقفون إلى التراث العربي القديم، وإلى انتفاء جمهرة من روائعه لإحيائها ونشرها، للاتكاء عليها في إرضاء الوعي النامي، المتلهف إلى ثقافة عربية جيدة، تقف أمام الثورة الغربية الوافدة، وقد كانت نواة هذه الحركة "جمعية المعارف" التي ألفت سنة ١٨٦٨ ١، وما لبثت أن نمت نموًّا سريعًا وعنيت كثيرًا بإحياء عدد كبير من الكتب التاريخية والأدبية العربية، كما عنيت بنشر طائفة من الدواوين الشعرية، التي أنتجتها العصور العربية الزاهرة في المشرق والأندلس٢.

وليس من شك في أن جميعة المعارف قد سارت على الدرب الذي بدأه رفاعة، وبعض رفاقه قبل ذلك بسنوات، حين تم على أيديهم إحياء بعض الكتب العربية٣ متأثرين بأساتذتهم المستشرقين٤.

وقد ساعد تلك الجمعية على إحياء ما أحيت من كتب التراث ودواوينه،


١ انظر: تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان جـ٤ ص٨٠.
٢ من الكتب التي نشرتها جمعية المعارف: أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن أثير، وتاج العروس في شرح جواهر القاموس، وتاريخ ابن الوردي، وشرح التنوير على سقط الزند، وديوان ابن خفاجة الأندلسي، وديوان ابن المعتز العباسي، والبيان والتبيين للجاحظ، وشرح الشيخ خالد على البردة، ورسائل بديع الزمان الهمذاني.
٣ من الكتب التي نشرت على يد هؤلاء الرواد من قبل: تفسير الفخر الرازي، ومعاهد التنصيص، وخزانة الأدب، ومقدمات الحريري انظر: الخطط التوفيقية جـ١٣ ص٥٥-٥٦.
٤ كان سلفستر دي ساسي من أساتذة رفاعة، وقد نشر كليلة ودمنة ومقامات الحريري، ورحلة عبد اللطيف البغدادي. "انظر: تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان جـ٤ ص١٤٨".

<<  <   >  >>