الإخوانية"، ونعني بها تلك الكتابة التي تدور حول الإخوانيات، والتي كانت مجال نشاط لطائفة من الأدباء التقليديين في تلك الفترة؛ ممثلة في رسائل التهنئة والاعتذار، وقطع التقريظ والتقديم، وما إلى ذلك من أغراض، يغلب عليها الجانب الفردي أو الشخصي، كما تبدو فيها سذاجة الموضوع وتفاهة المعاني، ثم تتزاحم بها ألوان البديع، وخاصة الجناس والسجع، وكثيرًا ما كان هذا اللون من الكتابة لا يكتفى باتخاذه ميدانًا لتسابق الأدباء التقليديين، ومجالًا لإبراز البراعة في الحيل اللفظية، والمحسنات البديعية، بل يتجاوز ذلك إلى إظهار القدرة على حوك الألغاز، وفهم الأحاجي.. وقد ساعد على تكبيل هذا اللون من النثر بكل تلكك القيود، وبعده عن الترسل والموضوعية، انحصاره في دائرة ضيقة ومجال محدود، قد لا يتجاوز اثنين يتراسلان، فهذا اللون بطبيعته بعيد عن الموضوعية، ناء عن الجماهيرية، صالح لترسب عيوب عصور التخلف عليه، وتقوقع التقليدية فيه، ومن هنا لم يتأثر هذا اللون من النثر بما كان في تلك الفترة من وعي نام ناضج؛ قد أثر على كثير من ألوان الأدب الأخرى، وظل هذا اللون -تقريبًا- على الصورة التي كان عليها في العصر التركي وما تلاه، إذا استثنينا شيئًا من صحة اللغة وسلامة التعبير، والبعد عن اللحن والدخيل، والخلاص من عدم استقامة التراكيب، وما إلى ذلك من مظاهر بدأت تكسبها اللغة منذ الفترة السابقة، وزاد حظها منها في الفترة التي نسوق عنها الحديث.
ومن أمثلة هذه الكتابة الإخوانية ما كتبه الشيخ علي أبو النصر١ من منفلوط إلى أحد أصحابه بمصر، حيث يقول: "إن أبهى ما تسر به نفوس الأحبة، وأبهج ما يستضاء بنوره في دياجي المحبة، دون ما رسمه يراع المشوق،
١ اقرأ ترجمته في: مقدمة ديوانه بقلم أحمد خيري، وفي: الآداب العربية للويس شيخو جـ٢ ص١٣-١٦.