للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} ٢، وَقَالَ مَرَّةً: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ٣، وَقَالَ مَرَّةً: "اللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى"٤؛ لِأَنَّهُمَا بِمَعْنى وَاحِد.

ولوكان كَمَا ادَّعَى الْمُعَارِضُ وَإِمَامُهُ الْمَرِيسِيُّ، لَكَانَ الْخَالِقُ وَالْمَخْلُوقُ اسْتَوَيَا جَمِيعًا على الْعَرْش، وَإِذ كَانَت أسماؤه مخلوقة عِنْدهم؛ لِأَنَّ لِحُدُوثِ الْخَلْقِ حَدًّا وَوَقْتًا، وَلَيْسَ لِأَزَلِيَّةِ اللَّهِ حَدٌّ وَلَا وَقْتٌ. لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ وَكَذَلِكَ أَسْمَاؤُهُ لَمْ تَزَلْ وَلَا تَزَالُ.

ثُمَّ احْتَجَّ الْمُعَارِضُ لِتَرْوِيجِ٥ مَذْهَبِهِ بِأَقْبَحِ قِيَاسٍ: فَقَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَتَبْتَ اسْمًا فِي رُقْعَةٍ ثُمَّ احْتَرَقَتِ الرُّقْعَةُ، أَلَيْسَ إِنَّمَا تَحْتَرِقُ الرُّقْعَةُ وَلَا تَضُرُّ النَّارُ٦ الاسْمَ شَيْئًا؟ فَيُقَالُ لِهَذَا التَّائِهِ الَّذِي لَا يَدْرِي مَا يَخْرُجُ من رَأسه:


١ سَقَطت "ثمَّ" فِي الأَصْل.
٢ سُورَة السَّجْدَة آيَة "٤"، وَفِي ط، ش زِيَادَة "الرَّحْمَن" بعد قَوْله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} وَهُوَ خطأ؛ لِأَن الَّتِي فِيهَا ذَلِك هِيَ سُورَة الْفرْقَان آيَة "٥٩" ومطلعها {الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ} ......" الْآيَة.
٣ سُورَة طه، آيَة "٥".
٤ لم يقْصد أَنَّهَا آيَة وَإِنَّمَا قصد أَن وصف الرب بالاستواء على الْعَرْش، مرّة يرجع الضَّمِير إِلَى الله كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ... } الْآيَة انْظُر: سُورَة السَّجْدَة آيَة "٤"، وَمرَّة يعود الضَّمِير على الرَّحْمَن كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} انْظُر: سُورَة طه آيَة "٥".
٥ قَالَ فِي تَجْدِيد الصِّحَاح ١/ ٥١٧ مَادَّة "روج": "راج الشَّيْء يروج رواجًا: نفق. وروجت السّلْعَة وَالدَّرَاهِم. وَفُلَان مروج" انْتهى.
٦ لَفْظَة "النَّار" لَيست فِي ط، ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>