للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقض الْمُؤلف على الْمعَارض تَأْوِيله صفة الْعين:

وَادَّعَى الْمُعَارِضُ أَيْضًا: أَنَّ قَوْمًا زَعَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عَيْنًا، يُرِيدُونَ جَارِحًا١/ كَجَارِحِ الْعَيْنِ مِنَ الْإِنْسَانِ وَأَرَادُوا التَّرْكِيبَ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ٢: {وَلتُصنَعَ عَلَى عَيْنِي} ٣، {وَاصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} ٤، {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} ٥.

نقض الْمُؤلف على الْمعَارض تَأْوِيله صفة الْعين قَالَ الْمُعَارِضُ: وَالْمَعْقُولُ بَيِّنٌ أَنَّ هَذَا يُرِيدُ عَيْنَ الْقَوْمِ، يَعْنِي رَئِيسَهُمْ وَكَبِيرَهُمْ وَلَا يُرِيدُ جَارِحًا، وَلَكِنْ يُرِيدُ الَّذِي يَجُوزُ فِي الْكَلَامِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ٦ فِي قَوْله: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} يَقُولُ: "فِي كَلَاءَتِنَا وَحِفْظِنَا"٧ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ الْقَائِلِ: عَيْنُ اللَّهِ عَلَيْكَ، يَقُولُ: أَنْتَ فِي حفظ الله وكلاءته.


١ لَفْظَة "جارحًا" لَيست فِي ط، س، ش.
٢ فِي ط، ش "بقوله تَعَالَى".
٣ سُورَة طه، آيَة "٣٩".
٤ سُورَة هود، آيَة "٣٧".
٥ سُورَة الطّور، آيَة "٤٨".
٦ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، تقدم ص”١٧٨".
٧ قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي تَفْسِيره الْجَامِع ٧٨/١٧: "قَوْله تَعَالَى: {فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} أَي بمرأى منا ومنظر منا نرى ونسمع مَا تَقول وَتفعل، وَقيل: بِحَيْثُ نرَاك ونحفظك ونحوطك ونحرسك ونرعاك".
وَقَالَ ابْن كثير فِي تَفْسِيره ٢٤٥/٤: "وَقَوله تَعَالَى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا} أَي: اصبر على أذاهم وَلَا تبالهم، فَإنَّك بمرأى منا وَتَحْت كلاءتنا وَالله يَعْصِمك من النَّاس".

<<  <  ج: ص:  >  >>