للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرُّؤْيَةُ ١:

ثُمَّ انْتَدَبَ الْمَرِيسِيُّ، الضَّالُّ لِرَدِّ مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّؤْيَةِ فِي قَوْلِهِ: "سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ كَمَا لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ" ٢، فَأَقَرَّ الْجَاهِلُ بِالْحَدِيثِ وَصَحَّحَهُ، وَثَبَتَ رِوَايَتَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَلَطَّفَ لِرَدِّهِ وَإِبْطَالِهِ بِأَقْبَحِ تَأْوِيلٍ، وَأَسْمَجِ تَفْسِيرٍ.

وَلَوْ قَدْ رَدَّ الْحَدِيثَ أَصْلًا كَانَ أَعْذَرَ لَهُ مِنْ تَفَاسِيرِهِ هَذِهِ٣ الْمَقْلُوبَةِ الَّتِي لَا يُوَافِقُهُ عَلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ، فَادَّعَى الْجَاهِلُ أَنَّ تَفْسَيرَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ" ٤ تَعْلَمُونَ أَنَّ لَكُمْ رَبًّا لَا تَشُكُّونَ فِيهِ كَمَا أَنَّكُمْ لَا تَشُكُّونَ فِي الْقَمَرِ أَنَّهُ قَمَرٌ، لَا عَلَى أَنَّ أَبْصَارَ الْمُؤْمِنِينَ تُدْرِكُهُ جَهْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّهُ نَفَى ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ بِقَوْلِهِ {لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} ٥ قَالَ: وَلَيْسَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِ الْمُشَبِّهَةِ ٦ فَقَوْلُهُ: "تَرَوْنَ رَبَّكُمْ" تَعْلَمُونَ أَنَّ لَكُمْ رَبًّا لَا يَعْتَرِيكُمْ فِيهِ الشكوك، الريب، أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ الْأَعْمَى يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ مَا أَبْصَرَهُ، أَيْ مَا أَعْلَمَهُ، وَهُوَ لَا يُبْصِرُ شَيْئًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: قد


١ العنوان من ط، ش.
٢ تقدم تَخْرِيجه ص"١٩٥".
٣ لفظ "هَذِه" لَيْسَ فِي س.
٤ تقدم قَرِيبا.
٥ الْأَنْعَام آيَة "١٠٣".
٦ أَرَادَ بالمشبهة أهل السّنة وَالْجَمَاعَة الَّذين يثبتون رُؤْيَة الله فِي الْآخِرَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>