فَالله تَعَالَى حفظ دينه بِحِفْظ كِتَابه وَسنة نبيه مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَهَيَّأَ الله الصَّحَابَة رضوَان الله عَلَيْهِم وقيضهم ووفقهم وهداهم لنصر دين الله، فحفظوا كتاب الله وَسنة نبيه، وَجَاهدُوا فِي سَبِيل الله لإعلاء كلمة الله، ففتحوا الْبلدَانِ، وكسروا ملك كسْرَى، وَقصرُوا ملك قَيْصر، ثمَّ نزحوا إِلَى الْبِلَاد الْمَفْتُوحَة، وانتقلوا إِلَيْهَا فَعَلمُوا النَّاس دين الله، ونشروا الْإِسْلَام فِي مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا، ثمَّ تَبِعَهُمْ على ذَلِك التابعون وأتباعهم، وَمن بعدهمْ من الْأَئِمَّة وَالْعُلَمَاء، يحيون مَا اندثر من الْإِسْلَام، ويجدون لهَذِهِ الْأمة دينهَا، وينصرون النَّاس بِالْحَقِّ، ويردون الْبدع والشبه والضلالات، ويكشفون للنَّاس زيفها وزيغها ولبسها الْحق بِالْبَاطِلِ.
كَمَا قَالَ الإِمَام أَحْمد -رَحمَه الله- فِي خطْبَة كِتَابه الرَّد على الْجَهْمِية والزنادقة: "الْحَمد لله الَّذِي جعل فِي كل زمَان فَتْرَة من الرُّسُل بقايا من أهل الْعلم، يدعونَ من ضل إِلَى الْهدى، ويصبرون مِنْهُم على الْأَذَى، يحيون بِكِتَاب الله الْمَوْتَى، ويبصرون بِنور الله أهل الْعَمى، فكم من قَتِيل لإبليس قد أحيوه، وَكم من ضال تائه قد هدوه، فَمَا أحسن أَثَرهم على