للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ، ثُمَّ هُوَ فِي سَائِرِ أَمْرِهِ مُخَالِفٌ١ لِآدَمَ أَوَّلُهُ: خَلَقَ اللَّهُ إِيَّاهُ بِيَدَيْهِ، وَالثَّانِي: أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ بِتَمَامِهِ مِنْ طِينٍ، لَمْ يَكُنْ صَغِيرًا فَيَكْبُرَ٢ وَلَمْ يَشْتَمِلْ عَلَيْهِ ٣ بَطْنٌ وَلَا رَحِمٌ، وَلَمْ يَرْضَعْ بِلَبَنٍ صَغِيرًا فِي الْمَهْدِ، فَكَمَا هُوَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُخَالِفٌ لِآدَمَ فَهُوَ لَهُ مُخَالِفٌ فِي خَلْقِ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى٤ وَكَمَا٥ أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فَلَيْسَ كَيَدِهِ يَدٌ.

فَافْهَمْ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ أَنَّكَ تَأَوَّلْتَ فِي يَدَيِ اللَّهِ، أَفْحَشَ مِمَّا تَأَوَّلَتِ الْيَهُودُ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ٦ قَالُوا: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ٧ وَادَّعَيْتَ أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ وَلَمَّا ٨ أَنَّكَ تَأَوَّلْتَهَا النِّعَمَ وَالْأَرْزَاقَ وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ، فَمَاذَا لَقِيَ اللَّهُ مِنْ عَمَايَتِكُمْ هَذِهِ؟ تَدَّعُونَ أَنَّ يَدَيِ الله مخلوقتان، إِنَّهُمَا عِنْدَكُمْ رِزْقَاهُ حَلَالُهُ وَحَرَامُهُ، وَمَوْسُوعُهُ٩ وَمَقْتُورُهُ، وَهَذِهِ كُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ.


١ فِي ط، ش "مُخَالفا" بِالنّصب وَصَوَابه الرّفْع.
٢ فِي ط، ش: "فَكبر" وَهُوَ أولى.
٣ فِي س "على بطن"، ويستقيم الْمَعْنى بِمَا فِي الأَصْل.
٤ لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
٥ فِي ط، س، ش "كَمَا" دون وَاو الْعَطف.
٦ قَوْله: "لِأَن الْيَهُود": لَيست فِي ط، س، ش، وَبهَا يَتَّضِح الْمَعْنى.
٧ ورد مَا يدل على ذَلِك فِي سُورَة الْمَائِدَة آيَة "٦٤" {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} الْآيَة.
٨ فِي ط، س "لما" دون الْوَاو.
٩ فِي س: "وموسعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>