للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسْمَاعٌ، وَيَرَى الْأَلْوَانَ بِالْمُشَاهَدَةِ وَلَا يُبْصِرُ فِي دَعْوَاكَ.

فَقَدْ جَمَعْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ فِي دَعْوَاكَ هَذِهِ جهلا وَكفرا، أم الْكُفْرُ فَتَشْبِيهُكَ اللَّهَ تَعَالَى١ بِالْأَعْمَى الَّذِي لَا يُبْصِرُ وَلَا يَرَى. وَأَمَّا الْجَهْلُ فَمَعْرِفَةُ النَّاسِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَن يُقَال لشَيْء: سَمِيعٌ بَصِيرٌ، إِلَّا وَذَلِكَ الشَّيْءُ مَوْصُوفٌ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ مِنْ ذَوِي الْأَعْيُنِ وَالْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ، وَالْأَعْمَى مِنْ ذَوِي الْأَعْيُنِ وَإِنْ كَانَ قَدْ حُجِبَ٢.

فَإِنْ كُنْتَ تُنْكِرُ مَا قُلْنَا فَسَمِّ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا أَسْمَاعٌ وَأَبْصَارٌ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ؟ وَنَحْنُ نَقُولُ اللَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ. ثُمَّ نَفَيْتَ عَنْهُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ اللَّذَيْنِ هُمَا السَّمْعُ وَالْبَصَر، ونفيت عَنهُ الْعين، كَمَا يَسْتَحِيلُ هَذَا فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ لَهَا أَسْمَاعٌ وَأَبْصَارٌ فَهُوَ فِي الله السيمع الْبَصِيرِ أَشَدُّ اسْتِحَالَةً.

وَكَيْفَ اسْتَجَزْتَ أَنْ تُسَمِّيَ أَهْلَ السُّنَّةِ وَأَهْلَ الْمَعْرِفَةِ بِصِفَاتِ اللَّهِ الْمُقَدَّسَةِ: مُشَبِّهَةً، إِذْ وَصَفُوا اللَّهَ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ٣ بِالْأَشْيَاءِ الَّتِي أَسْمَاؤُهَا مَوْجُودَةٌ فِي صِفَاتِ بني آدم تَكْيِيفٍ، وَأَنْتَ قَدْ شَبَّهْتَ إِلَهَكَ فِي يَدَيْهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ بِأَعْمَى وَأَقْطَعَ، وَتَوَهَّمْتَ فِي مَعْبُودِكَ مَا تَوَهَّمْتَ فِي الْأَعْمَى وَالْأَقْطَعِ فَمَعْبُودُكَ مجدع٤ مَنْقُوص،


١ لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
٢ فِي ط، ش "قد حجب بَصَره".
٣ فِي ط، ش "كَلَامه".
٤ فِي ط، س، ش "مُخْدج" والجدع: الْقطع قَالَ ابْن مَنْظُور فِي لِسَان الْعَرَب/ =

<<  <  ج: ص:  >  >>