للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِمَّا يَزِيدُكَ بَيَانًا: قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، خَلِيلِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ حِينَ قَالَ لِأَبِيهِ {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً} ١ يَعْنِي إِبْرَاهِيمُ أَنَّ إِلَهَهُ بِخِلَافِ الصَّنَمِ، يَسْمَعُ بِسَمْعٍ، وَيُبْصِرُ بِبَصَرٍ، وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا أَوَّلْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ لَقَالَ أَبُو إِبْرَاهِيمَ لِإِبْرَاهِيمَ: فَإِلَهُكَ أَيْضًا لَا يَسْمَعُ بِسَمْعٍ وَلَا يُبْصِرُ بِبَصَرٍ. وَكَذَلِكَ قَالَ فِي أَصْنَامِ الْعَرَبِ: {أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا} ٢ يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ بِخِلَافِهِمْ، لَهُ يَد يبطش بهَا، وَعين٣ بيصر بِهَا، وَسَمْعٌ يَسْمَعُ بِهِ.

وَادَّعَيْتَ أَيْضًا أَنَّا إِنْ قُلْنَا: إِنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ بِسَمْعٍ، وَيُبْصِرُ بِبَصَرٍ، فَقَدِ ادَّعَيْنَا أَنَّ بَعْضَهُ عَاجِزٌ وَبَعضه قوي، وَبَعضه تَامّ، وبضعه نَاقِصٌ، وَبَعْضَهُ مُضْطَرٌّ، فَإِنْ قُلْتُمْ: هُوَ أَيُّهَا٤ الْمَرِيسِيُّ لَا يَجُوزُ هَذَا الْقِيَاسُ فِي صِفَةِ كَلْبٍ مِنَ الْكِلَابِ؟ فَكَيْفَ فِي صِفَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؟ بَلْ حَرَامٌ عَلَى السَّائِلِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ مِثْلِ هَذَا، وَحَرَامٌ عَلَى الْمُجِيبِ أَنْ يُجِيبَ فِيهِ٥ وَالْعَجَبُ مِنْ قَائِلِهِ، كَيْفَ لَمْ يَخْسِفِ اللَّهُ بِهِ؟ غَيْرَ أَنَّ اللَّهَ حَلِيمٌ ذُو أَنَاةٍ وحلم٦ عَمَّن قَالَ:


١ سُورَة مَرْيَم آيَة "٤٢".
٢ سُورَة الْأَعْرَاف آيَة "١٩٥".
٣ فِي ط، س، ش "وَله أعين يبصر بهَا".
٤ فِي ط، س "فَإِن قُلْتُمْ أَيهَا المريسي".
٥ فِي ش "وَحرَام على الْمُجيب فِيهِ".
٦ فِي س "ذُو أناءة وحليم".

<<  <  ج: ص:  >  >>