للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعلمه، وَأَنت لَا تعلمه١.

وَقَالَ الإِمَام تَاج الدَّين السُّبْكِيّ: وَمن غرائب أبي سعيد الدَّارمِيّ وفوائده: قَالَ أَبُو عَاصِم: أَن أَبَا سعيد ذهب إِلَى أَن الثَّعْلَب حرَام أكله وروى فِيهِ خَبرا. قَالَ: وروى بُرَيْدَة بن سُفْيَان أَن أهل الْمَدِينَة يسمون النَّبِيذ خمرًا, وَهَكَذَا رَوَاهُ عَليّ بن الْمَدِينِيّ.

قَالَ السُّبْكِيّ: قَوْله بِتَحْرِيم الثَّعْلَب غَرِيب٢.

اعتزازه بمكانته فِي الْعلم:

لم يكن الدَّارمِيّ -رَحمَه الله- وَقد كرمه الله بِمَا هُوَ عَلَيْهِ من المكانة العلمية مِمَّن يَبْتَغِي الجاه والمكانة فِي الدُّنْيَا، فقد كَانَ مِثَالا لاعتدال الْعَالم الْعَامِل بِعَمَلِهِ مترفعًا بِتِلْكَ المكانة عَن الابتذال ومواطن الذلة وَالصغَار، أَو أَن يكون علمه سلما لمطمع دُنْيَوِيّ أَو مغنم زائل.

قَالَ أَبُو الْفضل القراب: كُنَّا فِي مجْلِس الدَّارمِيّ غير مرّة، وَمر بِهِ الْأَمِير عَمْرو بن اللَّيْث، فَسلم عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَعَلَيْكُم، حَدثنَا مُسَدّد....


١ سير أَعْلَام النبلاء "١٣/ ٣٢٢".
٢ طَبَقَات الشَّافِعِيَّة للسبكي "٢/ ٣٠٦".
قلت: وَلَعَلَّ وَجه الغرابة هُوَ مُخَالفَته لمَذْهَب الشَّافِعِي، وَقد سبق وَأَن نقل السُّبْكِيّ وَغَيره أَن الدَّارمِيّ أَخذ الْفِقْه عَن الْبُوَيْطِيّ الشَّافِعِي وَالْمَنْقُول عَن الشَّافِعِي أَنه رخص فِي أكل الثَّعْلَب، قَالَ ابْن قدامَة: وَرخّص فِيهِ عَطاء وَطَاوُس وَقَتَادَة وَاللَّيْث وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَالشَّافِعِيّ؛ لِأَنَّهُ يفدى فِي الْإِحْرَام وَالْحرم "الْمُغنِي بالشرح الْكَبِير١١/ ٦٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>