للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَتَعْرِفُونَ رَبَّكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: إِنَّهُ إِذَا اعْتَرَفَ١ لَنَا عَرَفْنَاهُ"٢ يَقُولُونَ: لَا نُقِرُّ بِالرُّبُوبِيَّةِ إِلَّا لِمَنِ اسْتَشْعَرَتْهُ قُلُوبُنَا، بِصِفَاتِهِ الَّتِي أَنْبَأَنَا بِهَا فِي الدُّنْيَا، فَحِينَئِذٍ يَتَجَلَّى لَهُمْ فِي صُورَتِهِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَهُمْ، فَيَزْدَادُونَ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ إِيمَانًا وَيَقِينًا، وَبِرُبُوبِيَّتِهِ، اغْتِبَاطًا وَطُمَأَنِينَةً، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الشَّكِّ عَلَى مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، بَلْ هُوَ يَقِينٌ بَعْدَ يَقِينٍ، وَإِيمَانٌ٣ بَعْدَ إِيمَان وَلَكِن الشَّك والربوبية كُلَّهَا مَا٤ ادَّعَيْتَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ فِي تَفْسِيرِ الرُّؤْيَةِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ" ٥، فَادَّعَيْتَ أَنَّ رُؤْيَتَهُمْ تِلْكَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ يَوْمَئِذٍ أَنَّ لَهُمْ رَبًّا لَا يَعْتَرِيهِمْ فِي ذَلِكَ شَكٌّ، كَأَنَّهُمْ فِي دَعْوَاكَ أَيُّهَا الْمَرِيسِيُّ لَمْ يَعْلَمُوا فِي الدُّنْيَا أَنَّهُ رَبُّهُمْ، حَتَّى يَسْتَيْقِنُوا بِهِ فِي الْآخِرَةِ.

فَهَذَا التَّفْسِيرُ إِلَى الشَّكِّ أَقْرَبُ مِمَّا ادَّعَيْتَ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشَّكِّ وَالشِّرْكِ، لَا بَلْ هُوَ الْكُفْرُ؛ لِأَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ مؤمنهم وكافرهم


١ فِي ط، ش "تعرف" وَهُوَ الْمُوَافق لما فِي سنَن الدَّارمِيّ.
٢ ورد فِي سنَن الدَّارمِيّ، كتاب الرَّقَائِق، بَاب فِي سجو، د عَن الْمُؤمنِينَ يَوْم الْقِيَامَة حَدِيث ٢٨٠٦، ٢/ ٢٣٤ عَن أبي هُرَيْرَة فِي أَثْنَائِهِ بِلَفْظ: "هَل تعرفونه؟ فَيَقُولُونَ: إِذا تعرف إِلَيْنَا عَرفْنَاهُ، فَيكْشف لَهُم عَن سَاقه فيقعون سجودًا ... " إِلَخ.
٣ فِي ش "وإيمانًا بعد إِيمَان" وَالصَّوَاب ماأثبتناه؛ لِأَن الْمَعْطُوف على الْمَرْفُوع مَرْفُوع.
٤ فِي ش "فِيمَا ادعيت".
٥ تقدم تخرجه ص"١٩٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>