للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ١، لَيْسَ لَهُ تَأْوِيلٌ إِلَّا عَلَى أَوْجُهٍ نَصِفُهَا، وَنَكِلُ عِلْمَهَا إِلَى اللَّهِ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: الْعَرْشُ أَعْلَى مَخْلُوق٢ وَاللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَبِكُلِّ مَكَانٍ غَيْرَ مَحْوِيٍّ وَلَا مُلَازِقٍ، وَلَا مُمَازِجٍ، وَلَا بَائِنٍ بِاعْتِزَالٍ وَبِفُرْجَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، لَا يُتَوَهَّمُ٣ أَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ كَجِسْمٍ عَلَى جِسْمٍ.

فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: مَا تَرَكْتَ أَنْتَ وَلَا٤ إِمَامُكَ هَذَا مِنَ التَّكْذِيبِ بِالْعَرْشِ غَايَةً، وَلَا مِنَ الِافْتِرَاءِ عَلَى الله فِيهِ٥ نِهَايَة. أَوله يَقُول٦ وَحَكَيْتَ أَنَّ الْعَرْشَ أَعْلَى الْخَلْقِ. وَاللَّهُ مُكَذِّبُكَ فِي كِتَابِهِ إِذْ يَقُولُ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} ٧ فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنَّ الْعَرْشَ٨ أَعْلَى الْخَلْقِ وَكَانَ الْعَرْشُ عَلَى الْمَاءِ قَبْلَ الْخَلْقِ، إِذْ لَا أَرْضَ وَلَا سَمَاءَ، وَلَا خَلْقَ غَيْرُ الْعَرْش


١ سُورَة طه، آيَة "٥".
٢ مُرَاد الْمعَارض بقوله: "أَعلَى الْخلق" إِنْكَار أَن الْعَرْش مَخْلُوق مُسْتَقل اسْتَوَى عَلَيْهِ الرب، وَإِنَّمَا الْعَرْش جُزْء الْخلق إِلَّا أَنه أَعْلَاهُ.
٣ فِي ط، س، ش، "وَلَا يتَوَهَّم".
٤ فِي ط، س، ش "أَنْت وإمامك".
٥ فِي س "وَلَا من الافتراء على نِهَايَة"، ش "وَلَا مِنَ الِافْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ نِهَايَة".
٦ فِي ط، س، ش "بقوله إِذْ يَقُول".
٧ سُورَة هود، آيَة "٧"، فقد أثبت الله أَن الْعَرْش مَخْلُوق مُسْتَقل. الْمعَارض يُنكر أَن يكون مخلوقًا مستقلًّا، وَسَيَأْتِي توضيح ذَلِك صَرِيحًا فِيمَا نَقَلْنَاهُ عِنْد آخر السِّيَاق، انْظُر: ص”٤٣٩-٤٤١".
٨ فِي ط، س، ش "أَن يكون الْعَرْش أَعلَى الْخلق".

<<  <  ج: ص:  >  >>