وَلست هُنَا بصدد تَفْصِيلًا عَن الْأَحْدَاث السياسية فِي عصر كل من ذكرت من خلفاء الدولة العباسية، وسأكتفي بِذكر عدد من الْأَحْدَاث السياسية على سَبِيل التَّمْثِيل لَا الْحصْر، إِذْ لَا يَتَّسِع المجال للْحَدِيث عَن كل الْحَوَادِث تَفْصِيلًا.
فقد تمّ فِي عصر أبي جَعْفَر الْمَنْصُور الْقَضَاء على عدد من المناوئين لَهُ وعَلى رَأْسهمْ عَمه عبد الله بن عَليّ، كَمَا قضى على أبي مُسلم الْخُرَاسَانِي، وَقتل أَيْضا مُحَمَّدًا ذَا النَّفس الزكية فِي الْحجاز وأخاه فِي الْعرَاق، وَبنى بَغْدَاد واستوزر خَالِد بن برمك وَمن ثمَّ بدا دور البرامكة.
كَمَا تمّ فِي عهد الْمهْدي إخماد الثورات والفتن الَّتِي قَامَت فِي بِلَاد الشَّام سنة١٦١هـ بزعامة عبد الله بن مَرْوَان الْأمَوِي، والفتنة الَّتِي قَامَت فِي الجزيرة سنة١٦٢هـ بقيادة عبد السَّلَام الْيَشْكُرِي، وَلَعَلَّ من أبرز الْفِتَن جَمِيعًا فِي عَهده فتْنَة الزَّنَادِقَة دعاة الانحلال وَالشَّر وَالْفساد، وَلم يتَمَكَّن من الْقَضَاء عَلَيْهِم.
وَفِي عهد الْهَادِي اشْتَدَّ فِي طلب الزَّنَادِقَة وقتلهم، كَمَا اشْتَدَّ فِي محاربة الشِّيعَة خَاصَّة عِنْدَمَا ظهر الْحُسَيْن بن على بن الْحسن بن عَليّ ابْن أبي طَالب سنة١٦٩هـ.
وَلم تطل خِلَافَته، حَيْثُ توفّي فِي بَغْدَاد سنة ١٧٠هـ بعد أَن ظلّ فِي الْخلَافَة سنة وشهرًا واثنين وَعشْرين يَوْمًا.