للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَلَالَاتِهِ، وَقَدْ رَوَيْتَ، عَنْ أَبِي يُوسُف١ أَنه هُوَ بِعُقُوبَتِهِ وَأَخْذِهِ فِيهَا حَتَّى فَرَّ مِنْ مَجْلِسِهِ إِلَى الْبَصْرَةِ٢، فَإِنْ كُنْتَ مُحْتَجًّا عَلَيْنَا بِأَبِي يُوسُفَ فَهُوَ عَلَيْكَ أَحَجُّ، لَمَّا أَنَّكَ بِهِ أعجب وبإمامته أرْضى من يَزْعُمُ أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَمَنْ لَمْ يَسْتَيْقِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، لَمْ يُؤْمِنْ بَعْدُ بِأَنَّهُ نَفْسُ كَلَامِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ آمَنَ بِأَنَّهُ نَفْسُ كَلَامِ الله لعلم يَقِينا أَن كَلَام صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ، وَاللَّهُ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ.

فَإِنْ طَلَبْتُمْ مِنَّا فِيهِ آثَارًا مَأْثُورَةً مُسْنَدَةً مَنْصُوصَةً فِيهِ عَنِ الصَّحَابَةِ٣، وَالتَّابِعِينَ فقد أخبرناكمن أَنَّهُ كُفْرٌ لَمْ يَحْدُثْ فِي عَصْرِهِمْ، فَيُرْوَى عَنْهُمْ فِيهِ غَيْرَ أَنَّهُ كُفْرٌ مَعْقُولٌ، تَكَلَّمَ بِهِ مُشْرِكُوا قُرَيْشٍ عِنْدَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: {إِنْ هَذَا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ} ٤ فَأَنْكَرَ اللَّهُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ طُمِسَ حَتَّى ظَهَرَ فِي الْعَصْرِ الَّذِي أَنْبَأْنَاكُمْ بِهِ، فِي عَصْرِ جَهْمٍ٥ وَالْجَعْدِ٦ ثُمَّ الْمَرِيسِيِّ وَنُظَرَائِهِمْ، فَرَوَيْنَا لَكُمْ عَمَّنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَخَالَفَهُمْ فِيهِ مِنْ فُقَهَاءِ٧ أَهْلِ زَمَانِهِمْ، مِثْلِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ٨. وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ٩ وَابْنِ


١ أَبُو يُوسُف القَاضِي، تقدم ص"١٦٧".
٢ الْبَصْرَة، تقدّمت، انْظُر ص"٥٣٠".
٣ فِي ط، س، ش "منصوصة عَن الصَّحَابَة".
٤ الْآيَة من سُورَة المدثر آيَة ٢٥ انْظُر الْكَلَام على هَذِه الْآيَة ص"٥٢٧-٥٢٨".
٥ جهم بن صَفْوَان، تقدم ص"١٤٧".
٦ الْجَعْد بن دِرْهَم، تقدم ص"٥٣٠".
٧ لفظ "فُقَهَاء" لَيْسَ فِي ط، ش.
٨ الرَّاجِح أَنه جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن، تقدم ص"١٥٤".
٩ عَمْرو بن دِينَار، تقدم ص"٢٤٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>