للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَّا أَنه لَا يسعني خِلَافه، فَقَالَ الشَّافِعِي: أَقرَرت على نَفسك بالْخَطَأ، فَأَيْنَ أَنْت عَن الْكَلَام فِي الْفِقْه وَالْأَخْبَار، يواليك النَّاس عَلَيْهِ وتترك هَذَا؟ قَالَ: لنا نهمة فِيهِ فَلَمَّا خرج بشر قَالَ الشَّافِعِي: لَا يفلح١.

كَمَا أَن الْعلمَاء أَيْضا وقفُوا مِنْهُ موقف الناصح المحذر لَهُ من مغبة مَا هُوَ عَلَيْهِ من فَسَاد الِاعْتِقَاد، مستندين فِي نصيحتهم لَهُ على الْحجَج الناصعة والبراهين القاطعة، والأدلة لكل من كَانَ لَهُ أدنى نظر أَو تَأمل.

فَعَن بشر بن مُوسَى قَالَ: سَمِعت أَبَا يُوسُف القَاضِي يَقُول لبشر المريسي: طلب الْعلم بالْكلَام هُوَ الْجَهْل، الْجَهْل بالْكلَام هُوَ الْعلم، وَإِذا صَار رَأْسا فِي الْكَلَام قيل، زنديق، أَو رمي بالزندقة، يَا بشر، بَلغنِي أَنَّك تَتَكَلَّم فِي الْقُرْآن، إِن أَقرَرت لله علما خصمت وَإِن جحدت الْعلم كفرت٢.

وَعَن سليم بن مَنْصُور بن عمار قَالَ: كتب بشر المريسي إِلَى أَبِيه مَنْصُور بن عمار: أَخْبرنِي الْقُرْآنُ خَالِقٌ أَوْ مَخْلُوقٌ؟ قَالَ: فَكتب إِلَيْهِ عَافَانَا الله وَإِيَّاك من كل فتْنَة، وَجَعَلنَا وَإِيَّاك من أهل السّنة وَالْجَمَاعَة، فَإِنَّهُ إِن يفعل فأعظم بهَا من نعْمَة، وَإِلَّا فَهِيَ الهلكة، وَلَيْسَت لأحد على الله بعد الْمُرْسلين حجَّة: نَحن نرى أَن الْكَلَام فِي الْقُرْآن بِدعَة، تشارك فِيهَا السَّائِل والمجيب، وتعاطى السَّائِل مَا لَيْسَ لَهُ، وتكلف الْمُجيب مَا لَيْسَ عَلَيْهِ، وَمَا أعرف خَالِقًا إِلَّا الله، وَمَا دون الله مَخْلُوق، وَالْقُرْآن كَلَام الله، فانته


١ تَارِيخ بَغْدَاد "٧/ ٥٩".
٢ تَارِيخ بَغْدَاد "٧/ ٦١-٦٢" الْأَنْسَاب للسمعاني "ورقة ٥٢٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>