للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وادَّعى الْمُعَارِضُ أَنَّ مِنَ الْأَحَاديِثِ الَّتِي تُروى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَادِيثَ مُنْكَرَةً مُسْتَشْنَعَةً جِدًّا، لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا، فألَّف مِنْهَا أَحَادِيثَ بَعْضُهَا مَوْضُوعَةٌ، وَبَعْضُهَا مَرْوِيَّةٌ تُرْوَى وَتَوَقَّفَ لَا يَتَقَدَّمُ١ عَلَى تَفْسِيرِهَا، يُوهِمُ مَنْ حَوَالَيْهِ مِنَ الْأَغْمَارِ٢ أَنَّ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهَا مَا رُوِيَ مِنْهَا مِمَّا يَغِيظُ الْجَهْمِيَّةَ٣ فِي الرُّؤْيَةِ وَالنُّزُولِ، وَالصِّفَاتِ الَّتِي رَوَاهَا الْعُلَمَاءُ الْمُتْقِنُونَ وَرَأَوْهَا٤ حَقًّا، سَبِيلُهَا سَبِيلُ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا وَلَا الِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهَا بَعْدَمَا أقرَّ أَنَّهَا مُنْكَرَاتٌ مُسْتَشْنَعَةٌ٥ يُفَسِّرُهَا وَيَطْلُبُ لَهَا مَخَارِجَ يَدْعُو٦ إِلَى صَوَابِ التَّأْوِيلِ فِي دَعْوَاهُ.

وَيْحَكَ أَيُّهَا الْمُعَارِضُ! وَمَا يَدْعُوكَ إِلَى تَفْسِيرِ أَحَادِيثَ زَعَمْتَ أَنَّهَا مُسْتَشْنَعَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا عِنْدَكَ، وَلَا يَجُوزُ التحدق بِهَا؟!، فَلَوْ دَفَعْتَهَا بِعِلَلِهَا وَشَنَعِهَا عِنْدَكَ كَانَ أَوْلَى بِكَ مِنْ أَنْ تَسْتَنْكِرَهَا وَتُكَذِّبَ بِهَا، ثُمَّ تُفَسِّرُهَا ثَانِيَةً كَالْمُثْبِتِ لَهَا عَلَى وُجُوهٍ وَمَعَانٍ مِنَ الْمُحَالِ وَالضَّلَالِ الَّذِي لَمْ يَسْبِقْكَ إِلَى مِثْلِهَا٧ أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ.

فَادَّعَيْتَ أَنَّ مِنْ تِلْكَ الْمُنْكَرَاتِ مَا رَوَى أَبُو أُسَامَةَ٨، عَنْ هِشَامِ بْنِ


١ فِي ط، ش "لَا يقدم".
٢ الأغمار، انْظُر مَعْنَاهَا ص"١٤٧".
٣ الْجَهْمِية، تقدّمت ص"١٣٨".
٤ فِي ط، ش "رووها".
٥ فِي ط، ش "مستشنعات".
٦ فِي ط، ش "تَدْعُو" بِالتَّاءِ.
٧ فِي ط، ش مثله.
٨ أَبُو أُسَامَة، تقدم ص"٤١٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>