للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي كُلِّ مِصْرٍ: أَنَّ اللَّهَ١ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِكَلِمَةٍ قَطُّ٢ وَلَا يَتَكَلَّمُ بِهَا قَطُّ، فَسُؤَالُكَ بِشْرًا عَن هَذِه الْآيَة من بن الْمَشَايِخِ دَلِيلٌ مِنْكَ عَلَى الظِّنَّةِ٣ وَالرَّيْبَةِ الْقَدِيمَةِ، وَأَنَّكَ لَمْ تَسْأَلْهُ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ ضَمِيرٍ مُتَقَدِّمٍ، أَفَلَا سَأَلْتَ عَنْهُ مَنْ أَدْرَكْتَ مِنَ الْمَشَايِخِ، مِثْلَ أَبِي عُبَيْدٍ٤ وَأَبِي نُعَيْمٍ٥ وَنُظَرَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالسُّنَّةِ؟! ثُمَّ ادَّعَيْتَ أَنَّ بِشْرًا قَالَ: مَعْنَاهُ أَن يكون حَتَّى يَكُونَ، مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ يَقُولُ لَهُ: "كُنْ" وَلَكِنْ يُكَوِّنُهُ عَلَى مَا أَرَادَ.

ثُمَّ فَسَّرْتَ قَوْلَ بِشْرٍ هَذَا، فَزَعَمْتَ أَنَّهُ عَنَى بِذَلِكَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ مَخْلُوقَةً مِنْ "كُنْ" وَلَكِنِ اللَّهُ كَوَّنَهَا عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ غَيْرِ كَيْفِيَّةٍ، وَلِلْكَلَامِ وُجُوهٌ بِزَعْمِكَ.

فَيُقَالُ لِهَذَا الْمُعَارِضِ: قَدِ افْتَرَيْتُمَا على اله جَمِيعًا فِيمَا تَأَوَّلْتُمَا مِنْ ذَلِكَ، وَجَحَدْتُمَا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى٦: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ} ٧ إِذِ ادَّعَيْتُمَا أَنَّ الْأَشْيَاءَ لَا تكون بقوله: "كن" وَلَكِن


١ فِي ش "أَن لم الْمُتَكَلّم" وَلَعَلَّ السقط كَانَ سَهوا من النَّاسِخ.
٢ لَفْظَة "قطّ" لَيست فِي ش.
٣ فِي ش "الظَّن".
٤ هُوَ الْقَاسِم بن سَلام، تقدم ص"٥٥٦".
٥ الرَّاجِح أَنه الْفضل بن دُكَيْن، تقدم ص"٣١٢".
٦ لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
٧ سُورَة النَّحْل، آيَة "٤٠".

<<  <  ج: ص:  >  >>