وتجولت فِي جنبات المكتبات الجامعية وَغير الجامعية، وتأملت كثيرا مَا المخطوطات الَّتِي تزخر بهَا جامعاتنا وَللَّه الْحَمد، ووقفت على عدد من الْمَشَايِخ الأفاضل فِي الجامعة وَدَار الْإِفْتَاء لاستشارتهم والإفادة من توجيهاتهم، وَكَانَ لرحابة الصَّدْر لَدَى كثير مِنْهُم أثر جلي أَجِدهُ فِي نَفسِي وَلَا أنساه.
وَمن جملَة مَا حظيت بِهِ من توجيهات وآراء عقدت الْعَزْم على أَن يكون مَوْضُوع رسالتي تَحْقِيقا لمخطوط أعيش من خلاله على جهد علم من أَعْلَام الْمُسلمين الجهابذة، وَهُوَ ينافح عَن معتقده وَدينه فِي مُوَاجهَة المبتدعة.
وَلَا شكّ أَن إحْيَاء التراث الإسلامي الَّذِي يتَضَمَّن الْفَهم الصَّحِيح للعقيدة الإسلامية ضَرُورَة ملحة وخاصة فِي وقتنا هَذَا الَّذِي نلمس فِيهِ -وَللَّه الْحَمد- معالم يقظة إسلامية فِي شَتَّى أنحاء الْبِلَاد الإسلامية.
وَعَلِيهِ فَلَا بُد لهَذِهِ الْأمة من مفاهيم سليمَة ومعالم صَحِيحَة فِي طَرِيق عودتها إِلَى الله تبين لَهَا الْمنْهَج السَّلِيم فِي فهم الأَصْل الَّذِي تنبي عَلَيْهِ جَمِيع الْأَعْمَال وَالْقَاعِدَة الأساسية لبِنَاء الْمُجْتَمع الإسلامي السَّلِيم أَلا وَهِي العقيدة الصَّحِيحَة.
وَنحن نعتقد اعتقادًا جَازِمًا أَن الْمنْهَج السَّلِيم والاعتقاد الصَّحِيح الَّذِي يجب أَن نقدمه للْأمة، هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أهل السّنة وَالْجَمَاعَة من الِاعْتِقَاد الصَّحِيح المستمد من الْفَهم الصَّحِيح لكتاب الله وَسنة رَسُوله.
ونعتقد أَيْضا أَنه لم ينل هَذِه الْأمة مَا نالها إِلَّا نتيجة انحرافها وعدولها عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ سلف هَذِه الْأمة من طَهَارَة الْقلب ونقاء السريرة وَصفاء الِاعْتِقَاد.