للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا إِسْرَافِيلُ٨، وَلَا يُمْكِنُ هَذَا غَيْرُ اللَّهِ، فَكَمْ١ تَجْلِبُ عَلَى نَفْسِكَ مِنَ الْجَهْلِ وَالْخَطَإِ، وَتَتَقَلَّدُ مِنْ تَفَاسِيرِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ٢، مَا لَمْ يَرْزُقْكَ اللَّهُ مَعْرِفَتَهَا، وَلَا تَأْمَنُ مِنْ أَنْ يَجُرَّكَ ذَلِكَ إِلَى الْكُفْرِ كَالَّذِي تَأَوَّلْتَ٣ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ صُورَةً مَخْلُوقَةً كَلَّمَتْهُ فَأَجَابَهَا مُحَمَّدٌ: "يَا رَبِّ"، أَمِ اللَّهُ صُورَةٌ لَمْ يَعْرِفْهَا، فَقَالَ: "أَتَانِي رَبِّي" لِمَا أَنَّ اللَّهَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ مُدَبِّرٌ؟ فَفِي٤ دَعْوَاكَ يَجُوزُ لَكَ كُلَّمَا رَأَيْتَ كَلْبًا أَوْ حِمَارًا أَوْ خِنْزِيرًا قُلْتَ: "هَذَا رَبِّي" لِمَا أَنَّ اللَّهَ مُدَبِّرٌ فِي صُوَرِهِمْ فِي دَعْوَاكَ٥، وَجَازَ لِفِرْعَوْنَ٦ فِي دَعْوَاكَ أَنْ يَقُولَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} ٧ لِمَا أَنَّ اللَّهَ مُدَبِّرٌ فِي صُورَتِهِ بِزَعْمِكَ، وَهَذَا أَبْطَلُ بَاطِلٍ، لَا يَنْجَعُ٨ إِلَّا فِي أَجْهَلِ جَاهِلٍ.

وَيْلَكَ! إِنَّ تَأْوِيلَ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى غَيْرِ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، لِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَدِيث أبي ذرح "أَنَّهُ لَمْ يَرَ رَبَّهُ"١٠، وَقَالَ


١ فِي ط، ش "فَلم"
٢ فِي ط، س، ش "الضعيفة".
٣ فِي ط، س، ش "أَن يجرك الله بذلك إِلَى كفر بِالَّذِي تأولت".
٤ فِي س "فِي دعواك"
٥ قلت: هَذ من قُوَّة اندفاع الدَّارمِيّ فِي الرَّد على المبتدعة، وَالسُّكُوت عَنْهَا أشبه بمنهج السّلف كَمَا قَالَ الذَّهَبِيّ رَحمَه الله، انْظُر: مُخْتَصر الْعُلُوّ للذهبي، اخْتِصَار وَتَحْقِيق نَاصِر الألباني ص"٢١٣-٢١٤".
٦ فِرْعَوْن، تقدم ص"١٦٥".
٧ سُورَة النازعات، آيَة "٢٤".
٨ مُرَاده أَنه لَا يُؤثر إِلَّا على أَجْهَل جَاهِل، قَالَ الْجَوْهَرِي فِي الصِّحَاح ٤٣/٢ مَادَّة "نجع": "وَقد نجع فِيهِ الْخطاب، والوعظ، والدواء، أَي دخل فِيهِ وَأثر".
٩ أَبُو ذَر الْغِفَارِيّ رَضِي الله عَنهُ، تقدم ص"٣٦٣".
١٠ لَعَلَّه أَرَادَ معنى حَدِيث أبي ذَر الْمُتَقَدّم ص"٣٦٣"

<<  <  ج: ص:  >  >>