للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ تَتَحَوَّلِ الْعَرَبِيَّةُ عَنْ مَعْقُولِهَا إنَّه لَوَجْهٌ١ حَقًّا كَمَا أَخْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، ولوكانت سُبُحَاتُ وُجُوهِ الْأَعْلَامِ لَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حِجَابُهُ النَّارُ، لَوْ كَشَفَهَا لَأَحْرَقَتِ النَّارُ سُبُحَاتِ وُجُوهِ الْخَلْقِ٢ كُلِّهَا، وَمَا بَالُ تِلْكَ النَّارِ تَحْرِقُ مِنَ الْعِلْمِ سُبُحَاتِهِ، وَتَتْرُكُ سَائِرَهُ؟ وَإِنَّمَا تَفْسِيرُ السُّبُحَاتِ الْجَلَالُ وَالنُّورُ٣ فَأَيُّ نُورٍ لِوَجْهِ٤ الْخَلْقِ حَتَّى تَحْرِقَهَا النَّارُ مِنْهُمْ؟ وَمَا لِلنَّارِ تَحْرِقُ مِنْهُمْ سُبُحَاتِهِمْ بَعْدَ أَنْ يَكْشِفَهَا اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ، وَلَا تَحْرِقُهَا قَبْلَ الْكَشْفِ؟ فَلَوْ قَدْ أَرْسَلَ مِنْهَا حِجَابًا وَاحِدًا لَأَحْرَقَتِ٥ الدُّنْيَا كُلَّهَا، فَكَيْفَ سُبُحَاتُ وُجُوهِ الْخَلْقِ؟ وَيْحَكَ٦! إِنَّ٧ هَذَا بيِّن، لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرٍ، إِنَّمَا نَقُولُ: احْتَجَبَ اللَّهُ بِهَذِهِ النَّارِ عَنْ خلقه بقدرته وسلطانه،


١ فِي ط، س، ش "لوجه الله حَقًا".
٢ فِي ط، ش "سبحات وُجُوه الْخلق والخلق كلهَا"، وَفِي س "سبحات وُجُوه الْخلق".
٣ قلت: قَالَ الفيروز آبادي فِي الْقَامُوس ٢٦٦/١ مَادَّة "سبح": "وسبحات وَجه الله أنواره ... وسبحة الله جَلَاله".
وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرحه للْحَدِيث الآنف الذّكر/ الطبعة الثَّانِيَة/ المجلد الثَّانِي ١٣/٣-١٤ قَالَ: "وأمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حجابه النُّور لَو كشفه لأحرقت سبحات وَجهه مَا انْتهى إِلَيْهِ بَصَره من خلقه" فالسبحات بِضَم السِّين وَالْيَاء وَرفع التَّاء فِي آخِره وَهِي جمع سبْحَة، قَالَ صَاحب الْعين والهروي وَجَمِيع الشَّارِحين للْحَدِيث من اللغويين والمحدثين: معنى سبحات وَجهه نوره وجلاله وبهاؤه".
٤ كذ فِي الأَصْل، وَفِي ط، س، ش "لوجوه الْخلق" وَبِه يَسْتَقِيم السِّيَاق.
٥ فِي ط، ش "لاحترقت" بتاءين.
٦ فِي ش "وَيلك" بِاللَّامِ ثمَّ الْكَاف، وَالْأَظْهَر أَنه خطأ مطبعي.
٧ فِي ط، س، ش "إِن تَأْوِيل هَذَا".

<<  <  ج: ص:  >  >>