للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك} ١ يَدْفَعُ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ سَبَقَ لَهُ عِلْمٌ فِي نَفْسِهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَلْقِ وَأَعْمَالِهِمْ، قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ، فَلَطَّفَ٢ بِذِكْرِ الضَّمِيرِ لِيَكُونَ أَسْتَرَ لَهُ عِنْدَ الْجُهَّالِ.

فَرد عَلَيْهِم جَهْمٍ٣ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ قَوْلَهُ هَذَا وَقَالُوا لَهُ٤: كَفَرْتَ بِهَا يَا عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَجْهِ: أَنَّكَ نَفَيْتَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى٥ الْعِلْمَ السَّابِقَ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ حُدُوثِ الْخَلْقِ وَأَعْمَالِهِمْ، وَالْوَجْهِ الثَّانِي: أَنَّكَ اسْتَجْهَلْتَ الْمَسِيحَ٦ أَنَّهُ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى٧ بِمَا لَا يُوصَفُ بِأَنَّ لَهُ خَفَايَا عِلْمٍ فِي نَفْسِهِ؛ إِذْ يَقُولُ لَهُ٨: {وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِك} ، وَالْوَجْهِ الثَّالِثِ: أَنَّكَ طَعَنْتَ بِهِ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِذْ جَاءَ بِهِ مُصَدِّقًا لِعِيسَى، فَأَفْحَمَ جَهْمًا.

وَقَوْلُ جَهْمٍ: لَا يُوصَفُ اللَّهُ بِالضَّمِيرِ، يَقُولُ: لَمْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الْخَلْقِ قَبْلَ حُدُوثِهِمْ وَحُدُوثِ أَعْمَالِهِمْ، وَهَذَا أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي


١ سُورَة الْمَائِدَة، آيَة "١١٦"
٢ فِي ط، س، ش "فتلطف"
٣ جهم بن صَفْوَان، تقدم "١٤٧".
٤ فِي ط، س، ش "وَقَالُوا: كفرت".
٥ لَفْظَة "تَعَالَى" لَيست فِي ط، س، ش.
٦ فِي ط، ش "الْمَسِيح ابْن مَرْيَم". قلت: انْظُر تَرْجَمَة لَهُ ص"٢٩٥".
٧ فِي ط، س، ش "أَنه وصف ربه بِمَا لَا يُوصف".
٨ فِي الأَصْل "إِذْ يَقُول لَهُ أعلم". قلت: وَلَعَلَّ لفظ "أعلم" وهم من النَّاسِخ، لذالم أثبتها، وَلم ترد فِي ط، س، ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>