للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و "إِشْعَار البُدْن"١


قَالَ النَّوَوِيّ فِي شَرحه ٤٨/٤: اخْتلف الْعلمَاء فِي أكل لحم الْجَزُور، فَذهب الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنه لَا ينْقض، وَذكر مِنْهُم الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَجُمْلَة مِنَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وجماهير التَّابِعين وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وأصحابهم، وَذهب إِلَى انْتِقَاض الْوضُوء بِهِ أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ وَيحيى بن يحيى وَأَبُو بكربن الْمُنْذر، وَابْن خُزَيْمَة، وَاخْتَارَهُ الْحَافِظ أَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ، قَالَ النَّوَوِيّ: "وَهَذَا الْمَذْهَب أقوى دَلِيلا وَإِن كَانَ الْجُمْهُور على خِلَافه" بِتَصَرُّف.
قلت: وَقد بسط القَوْل فِي تحريرالخلاف ومناقشة الْأَدِلَّة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة المباركفوري فِي شَرحه على جَامع التِّرْمِذِيّ ٢٦٢/١-٢٦٨ فَلْيتَأَمَّل.
١ فِي ط، س، ش "وَفِي إِشْعَار الْبدن". قلت: ثَبت فِي صَحِيح مُسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "صلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم الظّهْر بِذِي الحليفة، ثمَّ دَعَا بناقته فأشعرها فِي صفحة سنامها الْأَيْمن وسلت الدَّم وقلدها نَعْلَيْنِ، ثمَّ ركب رَاحِلَته فَلَا اسْتَوَت بِهِ على الْبَيْدَاء أهلّ بِالْحَجِّ".
قَالَ ابْن الْأَثِير الْجَزرِي: "إِشْعَار الْبدن هوأن يشق أحد جَنْبي سَنَام الْبَدنَة حَتَّى يسيل دَمهَا، وَيجْعَل ذَلِك عَلامَة تعرف بهَا أَنه هدي".
وَقَالَ النَّوَوِيّ: "فِي هَذَا الحَدِيث اسْتِحْبَاب الْإِشْعَار والتقليد فِي الْهَدَايَا من الْإِبِل، وَبِهَذَا قَالَ جَمَاهِير الْعلمَاء من السّلف وَالْخلف، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْإِشْعَار بِدعَة؛ لِأَنَّهُ مُثلة، وَهَذَا يُخَالف الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الْمَشْهُورَة فِي الْإِشْعَار".
قلت: وَاعْتذر لَهُ المباركفوري بِأَن الظَّاهِر أَنه لم يبلغهُ الحَدِيث رَحمَه الله.
"انْظُر: صَحِيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ/ كتاب الْحَج/ بَاب إِشْعَار الْهَدْي وتقليده عِنْد الْإِحْرَام/ ٢٢٧/٨-٢٢٨، وَالنِّهَايَة فِي غَرِيب الحَدِيث والأثر لِابْنِ الْأَثِير تَحْقِيق مَحْمُود الطناحي وطاهر الزاوي ٤٧٩/٢، وتحفة الأحوذي شرح جَامع التِّرْمِذِيّ ٣/ ٦٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>