للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا القصور إذا أردنا تحديد أسبابه وجب أن نتجه على الفور إلى الجهات التي تتولى إعداد هؤلاء الدعاة، ونتفحص مناهج إعدادهم ووسائل تكوينهم ...

وأول ما يلاحظ على هذه المناهج والأساليب –

(١) أنها بدلا من وصل الطالب وصلا مباشراً بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلت بديلاً منهما يتمثل في كتب ومذكرات مهما كانت قيمتها فلن تصلح بديلاً في يد داعية لا بد أن يكون على بصيرة في دين الله، يستمدهامن مصادره الموثوقة، وليس من آراء البشر، واجتهاداتهم، وشروحهم وتفسيراتهم، مهما بدت قيمتها في نظر من يضعون المناهج..

(٢) وهذا يقودنا إلى أصل الداء في الدراسات الدينية المعاصرة، ويتمثل في قصور الأدوات التي لا بد من توافرها للتمكن في هذه الدراسات، وفي مقدمة هذه الأدوات ((العربية)) ، وفقه لغة القرآن الكريم والسنة الشريفة.

إن مجتهدي الفقهاء لم يتمكنوا من الاجتهاد الفقهي إلا بعد امتلاك ناصية اللغة امتلاكاً تاماً، وعلم ((أصول الفقه)) ـ في جملته وتفصيله ـ هو علم لغوي في أساسه..

وهل استطاع أو يستطيع مفسر جاد أن يجلس إلى كتاب الله هو آية بيانية معجزة وأداته اللغوية لم تكتمل، وذوقه اللغوي لم يصل إلى القمة؟ ..

إن فهم مراد الله من كتابه مرهون بالقدرة على النفاذ إليه من خلال أسلوب عربي شاء الله له أن يكون معجزة بلاغية في صياغيته..

وقصارى أمر من يحاول التفسير دون استكمال عدته اللغوية أساساً، أن يكون راوياً لأقوال الآخرين، أو جامعاً منظماً لها، أما أن يكون مفسراً بنفسه، فهذا ما لا سبيل له إليه.. وقل مثل ذلك بالنسبة لمن يفسر أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم..

إن كل خلاف في آراء المفسرين مرده إلى أساس لغوي بالدرجة الأولى، وكل ترجيح بين رأيين فمستنده أساس لغوي كذلك، فكيف يسوغ الترخص في هذا التكوين اللغوي للدعاة وهو أداة الأدوات في يد كل باحث،

<<  <   >  >>